تستعمل الإنصاف والعدل، وتسبغ الإحسان والفضل، وتلين كنفك، وتظهر لطفك، وتحسن سيرك، وتفيض برّك، وتصفح وتحلم، وتعفو وتكرم، وتبصّر من ترجو صلاحه وتفهّمه، وتنصف من أفرط جماحه وتقوّمه، وتأخذ بوثائق الحزم، وجوامع العزم، والغلظة والشدّة على من طغى ولجّ في غيّه وعتا، وبارز الله وأمير المؤمنين بالخلاف والشّقاق، والانحراف والنّفاق، مستعملا فاضل التدبير عند الموادعة، وفاصل المكافحة عند المقارعة، مصلحا للفاسد، مشتّتا للشارد، مكثّرا لأولياء الدولة وخلصائها، وحاصدا لبغاتها وأعدائها، واعظا مذكّر للغافل، مؤمّنا للمظلوم الخائف، مخيفا للظالم الحائف، مستصلحا للمسيئين، مذكّرا بإحسان المحسنين، متنجّزا لهم الجزاء على بلائهم في الطاعة وآثارهم في الخدمة. وأن تنظر في رجال الدولة على اختلافهم نظرا يسلك بهم سبيل السّداد، ويجري أمورهم على أفضل العرف المعتاد؛ فأما الأماثل والأمراء، والأعيان والرؤساء، فتحفظ على من أحمدت طريقته، وعرف إخلاصه وطاعته، شعار رياسته، وتزيد في تكرمته، وتنتهي به إلى ما تتراءى إليه مواضي همّته؛ وأمّا طوائف الأجناد فتقرّهم على مراتبهم في ديوان الجيش المنصور، وتخصّهم من عنايتك بالنصيب الموفور، وتستخدمهم في سدّ الثّغور وتسديد الأمور، وتراعي وصول أطماعهم إليهم، أوقات الاستحقاق إليهم، وانفاقهم نصاب «١» الوجوب منهم؛ وأما الكتّاب المستخدمون منهم في استخراج الأموال، وعمارة الأعمال، فتخصّ كفاتهم بما تقتضيه كفايتهم، وأمناءهم بما توجبه أماناتهم، وتستبدل بالعاجز الخبيث الطّعمة، والطّبع المستشعر شعار المذمّة: ليتحفظ النّزه المأمون بنزاهته وأمانته، ويقلع الدّنس الخؤون عن دنسه وخيانته، وتأمر من تختاره لخدمة أمير المؤمنين منهم أن يسيروا بالسّير الفاضلة، ويعملوا على الرّسوم العادلة، فلا يضيّعوا حقّا لبيت مال المسلمين، ولا يخيفوا أحدا من المعاملين. وأما الرعيّة، فيأمرك أن تحكم بينها بالسّوية، وتعتمدها بعدل القضية، وترفع عنها نير الجور، وتحميها من ولاة