للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتخب من أخيار خليقته سادة صيّرهم لأمورهم قواما، وعدق بهم هداية من ضلّ، وتقويم من دلّ «١» ، وتعليم من جهل، وتذكير من غفل، ونصبهم أعلاما على طرق الرّشاد، وأدلّة على سبل السّداد.

يحمده أمير المؤمنين أن اختصّه بأثرة الخلافة والإمامة، وميّزه بمزيّة الولاية على الأمّة والزّعامة، وانهضه بما كلّفه من سياسة بريّته وتنزيلهم منازلهم من اختصاصه وإيثاره، وإحلالهم في محالّهم من استخلاصه واختياره، ويسأله الصلاة على أشرف الأمم نجارا وأطيبهم عنصرا، وأعظمهم مفخرا، سيدنا محمد صلّى الله عليه وعلى أخيه وابن عمّه، وباب حكمته وعلمه، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الراسخ في نسبه، المداني [له] «٢» في حسبه، سيفه الباتر، ومعجزه الباهر، ومكاتفه المظاهر، وعلى الأئمة من ذرّيتهما المهديّين، وسلم تسليما.

وإنّ أمير المؤمنين- بما خصّه الله تعالى من شرف المنجم والمولد، وكرم المحتد، وخوّله من مناصب الخلفاء والأئمّة، وناط به من إمامة الأمّة- يرى أنّ من نعم الله التي يجب التحدّث بشكرها، وتحقّ الإفاضة في نشرها، وتوفيقه للنظر في أحوال ذوي لحمته، وأولي مناسبته، المواشجين له في أرومته، المعتزين إلى كرم ولادته، وتوخّيهم بما يرفلهم في ملابس الجمال، ويوقّلهم في هضبات الجلال، ويرتّبهم في الرّتب التي يستوجبونها [ويراها] «٣» أولى بمغارسهم وأنسابهم، وماسّا بأنفسهم وآدابهم؛ ولذلك يصرف اهتمامه إلى ما يجمع لهم بين شرف الأعراق، وكرم الأخلاق، وطهارة العناصر والأواصر، وحيازة المناقب والمآثر.

ولما كنت بحضرة أمير المؤمنين من جلّتهم العلماء، وطهرتهم الأزكياء، وأبرارهم الصّلحاء، وخيارهم الفضلاء، الذين تضارعت أخلاقهم وأعراقهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>