تعالى إذ يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
«١» .
ويسأله أن يصلّي على أشهر الخلق نورا وفضلا، وأطهر البريّة فرعا وأصلا، وأرشد الأنبياء دليلا، وأقصد الرّسل سبيلا: محمد رسوله الذي ابتعثه وقد توعّر طريق الحق عافيا، وتغوّر نور الهدى خافيا؛ والناس يتسكّعون في حنادس الغمرات، ويتورّطون في مهاوي الهلكات، لا يعرفون أنهم ضلّال فيستهدون، ولا عمي فيستبصرون، فأيّده وعضّده، ووفّقه وسدّده، ونصره وأظهره، وأعانه وآزره، وانتخب له من صفوة خلقه، أولياء كاتفوه على ظهور حقّه، سمحوا بالأنفس العزيزة، والأموال الحريزة، وجاهدوا معه بأيد باسطة ماضية، وعزائم متكافية متوافية، وقلوب على الكفار قاسية، وعلى المؤمنين رؤوفة حانية؛ فلمّا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وارتسموا أمره وانتهوا إليه، شركهم معه في الوصف والثناء، وأضافهم إليه في المدح والإطراء، فقال جل قائلا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ
«٢» ، صلّى الله عليه وعلى أخيه وابن عمّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سيف الله الفاصل، وسنانه العامل، ومعجز رسوله الباهر، ووزيره المظاهر، مبيد الشّجعان، ومبير الأقران، ومقطّر الفرسان، ومكسّر الصلبان، ومنكّس الأوثان، ومعزّ الإيمان، الذي سبق الناس إلى الإسلام، وتقدّمهم في الصّلاة والصّيام، وعلى الأئمة من ذرّيتهما الميامين، البررة الطاهرين، وسلّم تسليما.
وإنّ أمير المؤمنين بما كلّفه الله تعالى من [أمر]«٣» دينه ووعده من إظهاره وتمكينه؛ يرى أنّ أفضل ما رنا إليه ببصر بصيرته، ورمى نحوه بطامح همّته، ما شملت الدين والدنيا بركته، وعمّت الإسلام والمسلمين عائدته، وحلّ محلّ الغيث