إذا تدفّق وهمع «١» ، والنهار إذا تألّق ولمع. ولا شيء أعود على الأمة، وأدعى إلى سبوغ النّعمة من علو كلمتهم، وارتفاع رايتهم، وتحصين حوزتهم، وإيمان منصّتهم، وتأدية الفريضة في مجاهدة أعدائهم، وصرفهم عن غلوائهم، واقتيادهم بالإذلال والصّغار، وكبحهم بشكائم الإهوان والاقتسار، ومواصلتهم بغزو الديار، وتعفية الآثار، وإيداع الرّعب في صدورهم، وتكذيب أمانيّ غرورهم، ووعظهم بألسنة القواضب، ومكاتبتهم على أيدي الكتائب: لما في ذلك من ذلّ الشّرك وثبوره، وعزّ التوحيد وظهوره، ووضوح حجّة أولياء الله تعالى على أعدائه بما ينزله عليهم من نصره ومعونته، ويؤيّدهم به من تأييده وعنايته؛ لا جرم أن أمير المؤمنين مصروف العزمة، موقوف الهمّة، على تنفيذ البعوث والسّرايا، والمواصلة بالجيوش والعرايا «٢» ، وتجهيز المرتزقة من أولياء الدولة، وحضّ المطّوعة من أهل الملّة، على ما أمر الله تعالى به من غزو المشركين، وجهاد الملحدين، نافذا في ذلك بنفسه، وباذلا فيه عزيز مهجته، عند تسهّل السبل إلى البعثة، ووجود الفسحة، ومعوّلا فيه عند التعذّر على أهل الشّجاعة والرّجاحة من أعيان أهل الإسلام الذين أيقنت ضمائرهم، وخلصت بصائرهم، ورغبوا في عاجل الذكر الجميل وآجل الأجر الجزيل، وأمير المؤمنين يسأل الله تعالى أن يجريه فيما يصدر ويورد، على أفضل ما لم يزل يولى ويعوّد: من التوفيق في رأيه وعزمه، والتسديد في تدبيره وحزمه، ويؤتيه من ذلك أفضل ما آتاه وليّا استخلفه، وأمينا كفّله عباده وكلّفه؛ وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله عليه يتوكّل وإليه ينيب.
ولمّا كنت بحضرة أمير المؤمنين ممن يعدّه لجلائل مهمّاته، ويعدّه من أعيان كفاته، ورآه سدادا للخلل، وعمادا في الحادث الجلل، وسهما في كنانته صائبا وشهابا في سماء دولته ثاقبا، وسيفا بيد الدين قاطعا، ومجنّا عن الحوزة دافعا،