دماء رجالهم، واستعباد ذراريّهم ونسائهم، وابتن بالمعقل مسجدا جامعا يجمّع فيه بالمسلمين، ويخطب على منبره لأمير المؤمنين، وارفع منارته حتّى تعلو على كنائس المشركين، وانصب فيه إماما يؤدّي الصلاة في أوقاتها، وخطيبا مصقعا يخطب الناس ويعظهم، ومكبّرين يدعون إلى الصلوات، وينبّهون على حقائق الأوقات، وقوّاما وخدّاما يتولّون تنوير مصابيحه، وتعهّد تنظيفه وفرشه، وأطلق لهم من الأرزاق والجرايات ما يبعثهم على ملازمته ويعينهم على خدمته، واحتط على من يحصل في يدك من أسرى المشركين، لتفدي بهم من في قبضتهم من أسراء المسلمين، وإذا عرضوا عليك الفداء فاحذر من خديعة تتمّ فيه، أو حيلة تتوجّه في افتكاك معروف منهم بمجهول من أهل الإسلام؛ وإن كان الله تعالى قد فضّل أدنياء المسلمين على عظماء الملحدين، ولم يسوّ بينهم في دنيا ولا آخرة ولا دين، إلا أنّ هذا مما يوجب الحزم الحوطة فيه؛ وإن ظفرت بنسيب لطاغيتهم المتملّك عليهم أو خصيص «١» به فاحمله إلى حضرة أمير المؤمنين، ليقرّبها رهينة على من قبلهم من المأسورين، وسبيلا إلى انتزاع ما يبذلونه في فدايته من المعاقل والحصون. وقد أمضى لك أمير المؤمنين أن تعقد الهدنة معهم إذا رغبوا فيها على الشرائط التي تعود بعلوّ كلمة الملّة، وتجمع الخواطر والاستظهار للدولة؛ فعاقدهم محتاطا، واشترط عليهم مشطّا، وتحرّز في العقد ممّا يوجب تأوّلا، ويدخل وهنا، ويطرّق وهيا، وتحفّظ بجوالي «٢» المعاهدين والأموال المقبوضة في فداء الغلّات والغنائم وسبي المشركين حتى يحمل ذلك إلى بيت مال المسلمين، فينظر أمير المؤمنين في تفريقه على مستحقّه، وإيصاله إلى مستوجبه، وافحص عن أحوال المستأمنين إليك تفحّصا يكشف ضمائرهم، ويبلو سرائرهم،