وتحرّز منهم تحرّزا يؤمّنك مكايدهم وحيلهم، وخدائعهم وغيلهم، وإذا نازلت حصنا من حصون الكفار، فكن على يقظة من مخاتلهم في الليل والنهار، وانصب الحرس والأرصاد، واحذر الغرّة ولا تهمل الاعتداد: لتعرّف أعداء الله أن طرفك ساهد، وجنانك راصد، وتفقّد أمر الجيش وأزح علّة من ترقبه في الأطماع والمواكدات، ومطّوّعته في المعاون والجرايات، ولا تغفل عنهم غفلة تضطرّهم إلى الانفلال، وتدعوهم إلى الانفصال؛ وأحسن إلى من حسن في الكفاح أثره، وطاب في الإبلاء خبره، وعده عن أمير المؤمنين بالحباء الجزيل والعطاء والتّنويل، فإنّ ذلك قادح لعزائم الأولياء، باعث لهم على التصميم في اللّقاء؛ فإذا أنت- بمشيئة الله- شفيت الصّدور، واحتذيت المأمور، وأعززت الدين، وذللت الملحدين، ودّوخت البلاد، ونكّست رؤوس أهل العناد، فانقلب بعساكر أمير المؤمنين، ومطّوّعة المسلمين، إلى حضرته واثقا بجميل جزائه، وجليل حبائه، وطالع في موردك ومصدرك؛ بما يجدّده الله لك ويفتحه على يدك، واذكر ما أشكل عليك ليمدّك أمير المؤمنين بالتبصير والتوقيف، والتعليم والتعريف، واستعن بالله فهو خير معين، وتوكّل على الله فإنه نعم الوكيل.
هذا عهد أمير المؤمنين إليك، فاعمل به وانته إليه يسدّد الله مساعيك، ويصوّب مراميك، إن شاء الله تعالى.
قلت: وأورد في خلال ذلك من تقاليد أرباب السيوف جملة أسقط من صدرها التحميدات.
ما أورده في رسم تقليد الإمارة على قتال أهل البغي أن يقال بعد التحميد ما مثاله:
وإن الله تعالى أوجب طاعة أولي الأمر على كافّة المؤمنين، وأكّد فرضها على جميع المسلمين، فقال جل قائلا، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
«١» ، علما منه تعالى بأنّ الطاعة ملاك الأمر ونظامه،