ومساك الجمهور وقوامه، وأنه لا تتمّ سياسة مع الشّقاق والانحراف. وأمر سبحانه باستتابة من ألقى العصمة من يده، ونبذ الطاعة وراء ظهره، بشافي المواعظ والتبصير، ونافع التنبيه والتذكير؛ فإن أقلع وتاب، ورجع وأناب، وإلا جوهد وقوتل، وقوبل بالرّدع حتى يقبل ويعتصم بالطاعة، وينتظم في سلك الجماعة، فقال تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما
«٢» . وإنّ الغلاة «٣» فارقوا اجتماع المسلمين، وانسلخوا من طاعة أمير المؤمنين، نابذين لبيعته، شائين بطل دعوته، وشقّوا عصا الإسلام، واستخفّوا محمل الحرام، واستوطئوا مركب السيئات والآثام، وعرّجوا عن قويم السّنن، وسمّوا بأراذل البدع أفاضل السّنن، وسعوا في الأرض بالفساد، وجاهروا بالعصيان والعناد؛ وكاتبهم أمير المؤمنين مبصّرا، ومعذرا منذرا ومخوّفا محذّرا، ودعاهم إلى التي هي أصلح في الأولى والأخرى، وأربح في البدء والعقبى، وأعلمهم أنّ الله تعالى لا يقبل صلاتهم ولا صيامهم، ولا حجّهم ولا زكاتهم؛ ولا يمضي قضاياهم ولا حكوماتهم، ولا عقودهم ومناكحاتهم، ما داموا على معصية إمامهم، ومفارقة وليّ أمرهم، الذي أوجب عليهم طاعته، وفرض في أعناقهم تباعته، وتابع في ذلك مواصلا، ووالاه مكاتبا ومراسلا، فأصرّوا على العقوق، واستمرّوا على اطّراح الحقوق، ودعوا إلى الأسوإ لها من إقدام الجيوش عليهم، ونقل العساكر إليهم، ومقابلتهم بما يقوّم أودهم، ويصلح فاسدهم ويزع جاهلهم، ويوقظ غافلهم.
وإنّ أمير المؤمنين تخيّرك للتقدّم على الجيش الهاتف نحوهم: لما يعلمه من شهامتك وصرامتك، وسدادك وسياستك، وإخلاصك ووفائك، وكفايتك وغنائك؛ (ويوصف بما تقتضيه منزلته، والأمر الذي هو أهل له) ، وهو يأمرك أن