والطف، وابسط لهم وجهك وأقبل إليهم واعطف، فقد سمعت قول الله تعالى لسيد المرسلين: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
«١» ، ولا تفسّح لأحد منهم في التطاول بالدين، ولا الإضرار بأحد من المعاهدين والذّمّيّين، وميزّهم بالتواضع الذي هو حلية المؤمنين؛ وإذا ألبس عليك أمر وأشكل، وصعب لديك مرام وأعضل، فأنهه إلى حضرة الإمامة متّبعا قول الله تعالى: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ*
ليخرج إليك من بصائر توقيفها، ومراشد تعريفها، ما يقفك على مناهج الحقيقة، ويذهب [بك]«٤» في لاحب الطّريقة، واقبض ما يحمله المؤمنون لك من الزكاة والجزى «٥» والأخماس والقربات وما يجري هذا المجرى، وتتقدّم إلى كاتب الدعوة بإثبات أسماء أربابه، واحمله إلى أمير المؤمنين لينتفع مخرجوه بتنقيله له ووصوله إليه، وتبرأ ذممهم عند الله منه، واستنب عنك في أعمال الدعوة من شيوخ علم الحكمة ومن تثق بديانته، وتسكن فيه إلى وفور صناعته، واعهد إليهم كما عهد إليك، وخذ عليهم كما أخذ عليك، واستطلق لهم من فضل أمير المؤمنين ما يعينهم على خدمته، ويحمل ثقلهم عن أهل دعوته، واستخدم كاتبا ديّنا أمينا مؤمنا بصيرا عارفا، حقيقا بالاطلاع على أسرار الحكمة التي أمر الله بصيانتها وكتمانها عن غير أهلها، نقيّا حصيفا لطيفا، ينزلهم في مجلسك بحسب مراتبهم من العلم والدين والفضل.
هذا عهد أمير المؤمنين إليك فتدبّره متبصّرا، وراجعه متدبّرا، وبه الوصايا