أيدي الثّناء فكانت برودا وحبرا؛ وضمن له الإحسان في كل زمان أن يأتي مستحمدا لا معتذرا، وعدقت به بحار المحاماة فما أخرجت منه إلا جوهرا. وغرس مقدّمات المخالصة وكان لسانح الإنعام مستثمرا، وصقل التجريب صفيحة طبعه وكان لضريبة الحزم مستأمرا، واستبد بموجبات المحامد مؤثرا لها ومستأثرا، وجعلت لديه أسباب الاستقلال التي قلّت عند سواه فظلّ منها مهدا «١» متكثرا.
ولما كنت أيّها الأمير ممن قام له هذا الوصف مقام الاسم [من]«٢» المسمّى، وتوضّحت مخايله به فلم يكن من اللّغز المعمّى، وقام يقرر من الخدمة مشتملا، واستقل بشرائط التعويل مستكملا، وأدرك غايات المحاسن عجلا متمهّلا «٣» ، وضمنت له الشبيبة أن يعلو كاهل الرياسة متكهّلا، واشتهر بالتقدّم فلم تعرف به أوضاح الصنائع غفلا ولا مجهلا، واستوجب أن لا يزال في أفق الإنعام منهلّا عليه يغادر لديه غديرا ومنهلا، واستحقّ أن يملأ يديه من «٤» ... ناظره متأمّلا، وأدّى فريضة النصيحة كافلا متكفّلا ومعملا لا متعمّلا، ونهض بتكاليف الخدمة متحمّلا فيها ما لم يزل متحمّلا.
وحضر بحضرة أمير المؤمنين فتاه الذي أفتاه التوفيق باستبراره، ووليّه الذي جمّ به «٥» مورد السعد بعد استنزاره: السيد الأجلّ سيف نصره المهنّد باسه، وليث حربه والسّنان ناب، وسحاب الرحمة إلى الإسلام بها حصل ربحي خضر الجناب، ومتعب الرائح في غيّه حتّى عزب في سهوب الإسهاب بأطناب الإطناب، ومستحقّ المدائح التي يعطّر بها الجناب، ويعطّل بها الرّكاب، والملك الذي خدمه الملوك لا لرتبة الغناء عنه بل لرتبة المناب، فذكرك بما جمّلك، واستمطر