للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لك من الإحسان ما جمّ لك، واستوفق في مناصحة الدولة عملك، وقرّبت عليك بسفارته بحضرة أمير المؤمنين أملك، وقرّر لك الخدمة بالزّمّ الفلاني إخلادا إلى ما تنطوي عليه جملتك، واعتمادا على ما تعز به كلمتك، فأجابه أمير المؤمنين إلى ما أجابك إليه، وتقدّم أمره باستخدامك فيما عيّن عليه، وخرج أمره إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السجل بتقليدك ذلك، فتقلّد ما قلّدته مستشعرا لباس التقوى، ناهيا للنفس عن الهوى، سالكا الطريقة المثلى؛ قال الله سبحانه: وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى

«١» . وهذه الخدمة من أمراء قبائل العرب، وهي المنبع وسواها الغرب «٢» ، وما فيها من يدعى إلى خدمة إلا طبّق المفصل وأتى على الأرب؛ فخذها بالمرسوم لما تندب له من المهمّات السانحة والعوارض، والخفوف إليها بالأسلحة الرّوائع والخيول النّواهض، وألزم رجالها أن تحفظ من الطّرقات ما يصاقبها، وأن تسوق كلّ نفس بجنايتها إلى من يعفو عنها أو يعاقبها، وقدّم العرض الذي يستدلّ به على من كان بالوفاء ساقطا، وعن أعمال المملكة ساخطا، ليسترجع الدّيوان ما كان بيده، ويفتضح من كانت الخيانة سريرة مقصده، فاعلم هذا واعمل به.

ومن ذلك نسخة سجل بولاية ثغر، وهي:

إنّ أولى من رقّاه إنعام أمير المؤمنين إلى المحلّ اليفاع «٣» ، وشفعت فيه وسائل فضائله فغني عن الاستشفاع، وعظم له النفع لما به من عظيم الانتفاع، وجرّدته يد الاختيار سيفا من سيوف الذّبّ عن الملّة والدّفاع، واستقرّ في الرّتب التي لا تنقل إلا إلى الزّيادة ولا تغيّر إلا إلى الارتفاع، وجلّيت عليه وجوه النعماء واضحة اللّثام واضعة اللّفاع «٤» ، ونيطت منه وصايا الحزم بحافظ لها واع، وتوفّرت

<<  <  ج: ص:  >  >>