فمن المكتتب عن الوزير في الدولة الفاطمية لأصحاب السّيوف نسخة سجل بولاية الإسكندرية من إنشاء القاضي الفاضل رحمه الله، وهي:
من عدّ من الأولياء الأماثل، ووجد عند الانتقاد قليل المماثل، وتوسّل بالحسنات التي يقبل عنده منها تشفيع الوسائل، وتقبل السفارة له الشاملة الاستحقاق الذي يغني عن المسائل، ولطف فكره لاقتناء الشّيم الموجبة لارتقاء الدرجات الجلائل، وألقت الرّتب قناعها له عند الكفء الذي يقدّم لها أفضل مهور الحلائل، وأسفرت مواقف الغناء منه عن الهزبر الشهم واللّوذعيّ الحلاحل «١» ، وأفرج له الكفاة عن صدور المنازل الرفيعة فلم يكن بينه وبينها حائل، واستقلّ بعظيم ما يفوّض إليه فلم تحمل الأقوام ما هو حامل، واتّسع مجال كفايته في كلّ أمر يضيق بالمباشر ضيق كفّة الحابل «٢» ، وتتبّع آثار الخلل بعزماته تتبّع الغيث آثار الدّيار المواحل- كانت الولايات الجليلات له من المعدّ المدّخر، وقرّبت عليه منازل الآثار التي يتجمّل بها ويفتخر.
ولمّا كان الأمير جامعا لما أفيض فيه من هذه الصّفة، وموصوفا بها من كلّ لسان صادق ونية منصفة، جارية على غيره مجرى النكرة ومستندة إليه استناد المعرفة، مشتملا على خلال كغرائب المكارم مستوفية متألّفة، كلفا بالشّيم الحميدة إذا افتضحت بها الشّيم المتكلّفة، قمنا أن يوفّي فيقرض سعيه إذا اقترضت المساعي المتسلّفة، نهّاضا بالمصاعب عند ما تختلف في إعطائها العزائم المتخلّفة، آويا من رجاحته إلى المعقل الحريز والحصن الحصين، حاويا لفضائل حسنة منها الفتك الجريّ والرأي الرّصين، مقدما على الأهوال إذا تغلّقت وجوهها غبرا، مصرّا على الخطرات حتى يظنّه الغمر غمرا، مصافحا للرماح، إذا