للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستظهار بعزوة «١» العزيز، المستوجب إلى أن يعدّ من أهل التمييز لأنه من أهل التمييز، المستوعب من الخلال الجميلة ما لا يقتضيه القول الوجيز، المخرج من قضايا الدّنايا فما يستبيح محرّمها ولا يستجيز، الممدّح في خدم كلّها أخلصته خلاص الذهب الإبريز، وكانت له مضمارا تشهد له أفعاله [فيها] «٢» بالسبق والتبريز، المتوسل بأمانة عزّبها جنابه عن الشّبهة ووجدانها في الناس عزيز- تقدّم فتى مولانا السيد الأجل باستخدامك على الحسبة بمدينة كذا: فباشر أمرها مباشرة من يبذل في التقوى جهدا، فلا يرى غيرها على ظمإوردا، ولا يراه الله حيث نهاه، ولا يأمره أبدا وينهاه إلا نهاه، ولا يرى ما كشفته إلا وهو عالم أنّ الله يراه، وانته فيها إلى ما ينتهي إليه من بذل غاية وسعه، ومن لا يرتدّ عن جرركيه «٣» من عموم نفعه، ومن يدلّ بتهذيب طباع الناس على طهارة طبعه، ومن يستجزل حسن صنيع الله لديه بحسن صنعه، ومن يستدعي منه بذل فضله بحظر ما أمر بحظره ومنعه، واسلك فيما تستعمله من أمرها المذهب القصد والمنهج الأقوم، واجتهد فيها اجتهاد معتصم بحبل التقوى المتين وسببها المبرم، وامنع أن يخلو رجل بامرأة ليست بذات محرم، واستوضح أحوال المطاعم والمشارب، وقوّم كلّ من يخرج في شيء منها عن السّنن الواجب، وعيّر المكاييل والموازين فهي آلات معاملات الناس، واجتهد في سلامتك من الآثام بسلامتها من الإلباس والأدناس، وحذّر أن تحمّل دابة ما لا تطيق حمله، وأدّب من يجري إلى ذلك يتوخّى فعله، وأوعز بتنظيف الجوامع والمساجد لتنير بالنّظافة مسالكها، كما تنير بالإضاءة حوالكها؛ ففي ذلك إظهار لبهجتها وجمالها، وإيثار لصيانتها عن إخلاق نضرتها وابتذالها؛ ولا تمكّن أحدا أن يحضرها إلا لصلاة أو ذكر، قاطعا للسان الخصام وموقظا لعين الفكر؛ فأما من يجعلها سوقا للتّجارة، فقد حصل بهذه الجسارة على الخسارة،

<<  <  ج: ص:  >  >>