ما لا ينهض به [إلا]«١» مثله، وصلح أن يجعل لما يراعي أمره سهما من نظره فيه، وأن يبرز من توليته إيّاه في ملبس جمال يسبغه حسن التدبير عليه ويضفيه.
ولما كنت أيها الشريف، تاج الخلافة، عضد الملك، صنيعة أمير المؤمنين، من جلّة آل أبي طالب، والموفوري الحظّ من المآثر والمناقب، ولك مع نسبك الشريف ميزة بيتك في الدولة العلوية- خلد الله ملكها- وتقدّمه، واستقرارك بنجوة «٢» من السناء لا يضايقه أحد من طبقتك فيها ولا يزحمه؛ وقد توليت أمورا جليلة فكنت عليها القويّ الأمين، وأهّلت لمنازل سنيّة فأوضحت لك الأثر الحسن وأظهرت منك الجوهر الثمين؛ ولم تنتقل قطّ من شيء تتولّاه، إلى غيره مما تستحفظه وتستكفاه، إلا كان الأوّل عليك يتلهّف، والثاني إليك يتطلّع ونحوك يتشوّف؛ وما برحت ملتمسا من الرتب الخطيرة مخطوبا: لأن الأسباب التي غدت في غيرك متشتّتة متفرّقة، قد ألفيت عندك مجتمعة متألّفة متّسقة؛ فلك النزاهة السابقة بك كلّ من يجاريك، والوجاهة الرافعة قدرك على من يناويك؛ والأمانة التي يشهد لك بها من لا يحابيك، والديانة التي حزتها عن الشريف عضد الدولة أبيك- تقدّم فتى مولانا وسيدنا بالتعويل عليك في تولّي ديوان الاستيفاء «٣» على الأعمال القبلية وما جمع إليه، الذي هو من أجلّ الدّواوين قدرا، وأنبهها ذكرا، وأرفعها شانا، وأشمخها مكانا؛ وخرج أمره بكتب هذا التقليد لك؛ فباشر ذلك متقيا لله تعالى فيه، جاريا على مراقبة عادتك التي تزلف فاعلها وتحظيه؛ فالله تعالى يقول إرشادا لعباده وتفهيما: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً