شدّة التأديب؛ وكذلك فكن أنت في الرفق الذي حدّثت عنه، ومن عاد فينتقم الله منه.
ونحن نأمرك أن تحتسب أوّلا بلين القول لا بالأنف والنكير، وأن تترفّق في الموعظة التي هي طريق إلى الخشية والتذكير، وأن لا تكون باحتسابك مدلّا بأنّك على الصراط المستقيم، وأن الناس بين يديك على سنن التثقيف والتقويم؛ فإن من أكبر الذنوب ذنب الإعجاب، والأولى لك حينئذ أن تعود على نفسك بالاحتساب «١» ؛ ومن أدبك وأدب أمثالك أن يقف في أمره بالمعروف مع التقوى لا مع هواه، وأن لا يفرّق في إزالة المعصية أن تكون بيده أو بيد أحد سواه؛ وإذا كنت كذلك قرنك الله بمن أنزل السكينة على لسانه ويده، وقوّم له أود الناس لتقويم أوده، والله ينظر إلى قلب ابن آدم لا إلى عمله ولا إلى جسده.
وعليك بالمجاهدين الذين سلب عنهم ثوب العافية، ومن اختفى منك بالاستتار فلا تكشف عن حاله الخافية؛ وأما ذوو الهيئات فإنّ عثراتهم تقال، وأعراضهم لا تذال، ولربّما كان التجاوز عنهم داعيا إلى الانتقال؛ وفي قصة أبي محجن وسعد «٢» ما ينبّئك أنّ الحياة أغنى في الازدجار، وفي الناس أذناب لا قدر لها تذبّ عنه ورؤوس تذبّ عمّا لها من الأقدار. وهاهنا من ضروريّات الوصايا ما يؤتى في مثله بتوكيد الأقوال، وأكثر ذلك يدور في المعاملات التي ألفها قوم دون قوم، واستمروا عليها يوما دون يوم؛ وقد أتى منها ما اتّفق على العمل به