ذلك إلا من عرفت أمانته، وأثرت صيانته، وأن لا يستنيب إلا أهل العفّة والأمانة والنّزاهة ممن بعد عن الطمع، ونأى عن مطاعم السّوء.
وإن كان «وكيل بيت المال»«١» وصّي بالعمل بالشرع الشريف في جميع أحكامه، وأنّ من مات وله ورثة تستوعب ميراثه لا يكلّفهم ثبوتا فيه تعنّت ومدافعة عن حقهم، والتّشديد في أمر من كانت قصّته منكرة، والتحرّز من شهود الزّور في مثل ذلك، وأن يرجع في كل ما يباع ويؤجّر إلى العوائد، وأن يتحرّز في شهادة شهود القيمة، ولا يرجع فيها إلا لمن يوثق به ممن يكون عنده معرفة بقيم الأشياء، وينبّه على أنّ له أن يدّعي بحق المسلمين حيث شاء عند من يشاء من أصحاب المذاهب، وأنّ الدعوى عليه لا تكون إلا في مجلس الحكم العزيز الشافعيّ، على ما جرت به العادة القديمة، والاحتياط في حقّ بيت المال، وليختر للاستنابة في الأعمال من يصلح لذلك.
وإن كان «مدرّسا» وصّي بأن يقبل على جماعة درسه بطلاقة وجه، وأن يستميلهم إليه جهد استطاعته، ويربّيهم كما يربّي الولد ولده، ويستحسن نتائج أفكارهم التي يأتون بها في درسه، ويقدّم منهم من يجب تقديمه، وينزل كلّ واحد منهم منزلته، ليهزّهم ذلك إلى الإكباب على الاشتغال والازدياد في التحصيل، ثم يأتي في كل مدرّس بما يناسبه من أمور العلم الذي يدرّس فيه إن كان يدرّس في علم خاصّ.
وإن كان «خطيبا» وصّي برعاية حقّ رتبة الخطابة والقيام بحق ازدواجها، وأن يأتي من المواعظ بما يقرع الأسماع بالوعد والوعيد، ويلين القلوب القاسية، وأن يعدّ لكل مقام مقالا يقوله، وأن يخفّف الخطبة، ويأتي بها بليغة مفهومة، إلى غير ذلك من متعلّقات الخطابة.