وإن كان «شيخ خانقاه» وصّي بالاجتهاد في العبادة، والمشي على طريق السّلف؛ من الزّهد والورع، والعفاف، وأن يأخذ جماعته بمآخذه في الأمور، وأن يعرف لجماعة مكانه حقوقهم الواجبة لهم وينزلهم منازلهم خصوصا أولي السابقة منهم، ويأخذ في الرفق بهم ومداراتهم، مع ترتيب من استجدّ منهم، وإجرائهم على طرائق الصّوفيّة، وتعريفهم الطريق إلى الله تعالى، وتدريج المريدين على قدر ما تحتمله أفهامهم، دون أن يهجم عليهم من أحوال الطريق بما لا تحتمله عقولهم، و [اتّباع]«١» سبيل الكتاب والسّنّة اللّذين من حاد عنهما ضلّ، ومن خرج عن جادّتهما زلّ، وكفّهم عن ارتكاب البدع والجري على منهاجها، ومن أتى ذنبا فخذه بالتوبة والاستغفار، والإنكار على من أخذ في الشّطحات، والخروج عن قانون ظاهر الشريعة، ومنع من نحا هذا النحو أو جرى على هذه الجادّة، والإحسان إلى من يقدم عليه من الآفاق، وحسن التلقّي له، وإكرام نزله بعد أن يعجّل له بالإذن، والأمر بأخذ عكّازة، وفرش سجّادة، وما ينخرط في سلك ذلك.
وإن كان «رئيس الأطباء» وصّي بالنظر في أمر طائفته، ومعرفة أحوالهم، ويأمر المعالج أن يعرف أوّلا حقيقة المرض وأسبابه وعلاماته، ثم ينظر إلى السّن والفصل والبلد، وحينئذ يشرع في تخفيف الحاصل، وقطع الواصل، مع حفظ القوّة، وأن لا يهاجم الداء، ولا يستغرب الدواء، ولا يقدم على الأبدان إلا ما يلائمها، ولا يخرج عن عادة الأطباء ولو غلب على ظنّه الإصابة حتّى يتبصّر فيه برأي أمثاله، ويتجنب الدّواء، ما أمكنته المعالجة بالغذاء، والمركّب ما أمكنته المعالجة بالمفرد، ويتجنب القياس إلا ما صحّ بتجريب غيره في مثل من أخذ في علاجه، وما عرض له، وسنّه، وفصله، وبلده، ودرجة الدواء، وأن يحذر التجربة فإنها خطر، مع الاحتراز في المقادير والكيفيات، وفي الاستعمال والأوقات، وما يتقدّم ذلك الدواء أو يتأخّر عنه، ولا يأمر باستعمال دواء ولا ما