الحمد لله الذي زان دولتنا القاهرة من حسامها بتقليده، وصان حمى ممالكنا الشريفة من أوليائنا بمن تغدو مواقع سيوفه من كل عدوّ قلائد جيده، وزاد جلالة الملك بمن إذا ركب في مواكب نيابته أورد جياد رعبه من كل متوّج من ملوك العدا مناهل وريده، وفوّض تقدمة جيوشنا المنصورة إلى من تضاعف مهابته في عيون العدا عدد جنوده، وتغزوه سرايا خيله في يقظته وتطلع عليه طلائع خياله في هجوده، وإذا صلّت سيوفه في موقف وغى أغرت رأس كلّ مستكبر لم يعرف الله قبل ركوعه بسجوده، مشرّف أقدار أوليائنا من المراتب بما تشرف به أقدار المراتب في نفسها، ومفضّل أيام دولتنا على الدّول بما ألفته من جلالة ملكنا في أمسها، ومجمّل سير أصفيائنا من المعدلة بما إذا غرسته في قلوب الرعايا كان الدعاء الصالح ثمرة غرسها، ومقلّد خواصّنا من إيالة الملك ما إذا خطبت به الأقلام على منابر الأنامل نقلت البلاغة في تلك الأوصاف عن قسّها «١» ، ومفيض حلل الأنباء المرقومة بأسنى الرّتب على من إذا زانت حبرها «٢» اللابس زانها بلبسها، وإذا أشرقت به هالة المواكب لوغى سقطت فوارس ملوك العدا عن مراكبها واضطربت الأسرّة بملوك فرسها، وإذا كتمته الأعداء أنباءها نطقت ألسنة رياحه بأسرار أهل الشرك ولا يرى أسمع من صمّها ولا أفصح من خرسها، وإذا تطاولت أبطال الوقائع للقائه افترّت ثغور سيوفه عن شنب النصر لإلفها بمعانقة الأعناق وأنسها.
نحمده على نعمه التي جادت شرف أسمائنا إلى أسماع المنابر، وأنطقت بمضاعفة الأنباء لأوليائنا ألسنة الأقلام في أفواه المحابر، وأعادت بسيف النصر حقوق ملكنا الذي تلقّيناه مع الأوّلية والأولوية من أسلافنا الكرام كابرا عن كابر.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لا تزال سيوفنا بإعلاء منارها