ناهضة، وجياد جهادنا لنشر دعوتها في الآفاق راكضة، وموادّ نعمنا ونقمنا لآمال حامليها باسطة ولأرواح جاحديها قابضة، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أيّده الله تعالى بنصره، وآتاه من معجزاته ما يحول البصر دون حصره، وجعله أمام الأنبياء وإمامهم مع تأخّر عصره، ونصره بالرّعب الذي زحزج كلّ ملك عن سريره وأنزل كلّ متوّج من قصره، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين هجروا في نصرته مألوف الأوطان والأوطار، وركبوا في إقامة ملّته مخوف الأهوال والأخطار، وفتحوا بيمن دعوته ما اشتملت عليه المشارق والمغارب من الأرجاء الممتدّة والاقطار، صلاة لا يزال سيف جهادنا لدوامها مقيما، وحكم جلادنا لإقامتها مديما، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من سمت التقاليد بأوصافه، وصرّفت أمور الممالك بين بأسه وإنصافه، وحلّيت مواقف الخدمة الشريفة من جواهر مهابته بما هو جدير بحلى السيف، وزيّنت مجالس العدل من إيالته بما هو مبرّأ من الميل والهوى منزّه عن الظلم والحيف، وملئت القلوب من مخافته بما يمنع ذا القوّة في الباطل من توهّم البطش وذا الصّبوة في الهوى من استزاره «١» ويحسّن لها الفرار، ويهوّن عليها في جنب ما تتوقّعه من مواقع سيوفه السّبي والإسار، وعدق به من مصالح الأقاليم ما يصرّفه بيمين دأبها اليمن ويسار شأنها اليسار، وفوّضت زعامة الجيوش منه إلى همام يقوم بأمرها على ما يجب، وليث لو لم ينهض بألوفها المؤلّفة في الوقائع لكان من نفسه وحدها في جحفل لجب، ومقدام آلاف العدا في شجاعته آحاد، وضرغام قسور «٢» أهل الكفر بين يدي وثباته وثباته وأسودهم تقاد؛ من لم نزل نعدّه في