يده، وإبقاء وديعة هذا الأمر العظيم إلى صونه وعونه وتشدّده، وإيفاء جنابه إلى حميد هذه الغاية التي هي للمناسبة مناسبة لسؤدده.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال يجمع شمل الإسلام بتعيّنه وتفرّده، ويرجع أمر الأنام منه إلى مأمون الرأي رشيده سفّاح السّيف مهنّده، منصور العزم مؤيّده، ويوسع الخليفة إذا وليهم بالرأفة والرحمة ومن أولى من أبي بكر بأن يخصّ أصحاب محمد عند الخلافة بإعذاب منهل الجود ومورده- أن تفوّض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالممالك الإسلامية- أعلاها الله تعالى- نيابة شاملة محيطة، كاملة بسيطة، تعني كلّ أمير ومأمور، وتدني أمرها الذي يعامل بالإجلال ويقابل بالسّرور، برّا وبحرا، وسهلا ووعرا، غورا ونجدا، بعدا وقربا، شرقا وغربا، وما منحه الله تعالى لوالدنا الناصر من الممالك ويدّخر لسلطاننا المنصور ويخبى: تستوعب أمر ما نأى من هذه الأقاليم ودنا، وتجب طاعته فيها على كلّ من كان مؤمنا، ويمتثل في ذلك كلّه أمره، وتعمل فيه الرويّة فيجمل فكره، ويؤمّل فيه فتحه ونصره، وينقل به مدحه وشكره، ولا ينفصل منحه وبرّه ناظرا في هذه النيابة الشريفة بفكره التامّ، سائرا فيها السير الجميل من الدّربة والإلهام، ناشرا ظلال المعدلة على من سار أو أقام، مظاهرا بجنابه منّا أجلّ مقام. ونحن وإن كنا نتحقّق من خلاله الحسنى كلّ وصف يسنى، ونثق منه بذي الصدر السليم الذي هو على المقاصد يعان وبالمحامد يعنى، فلسنا نخلّ بالوصية التي نعلم أنّ له عنها استغنا، ولكننا لا نترك بها التبرّك ولا ندع ما سنّ الله تعالى منها وشرع، ولا نغفل ما يجب به أن يحتفل؛ فقد وصّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصحابه، وأمضى أمره المسموع كلّ ذي رجوع إلى الله تعالى منهم وإنابة، فقد أولاه الله تعالى كلّ جميل قبل أن ولّاه، وحلّاه بالسّمات والمكرمات قبل أن رفع علاه، وأعطاه ما أرهب العدا من سطاه، وهداه إلى كلّ رشد تأتمّ به الهداة.
فأهمّ ذلك تقوى الله تعالى وهو عليها مجبول، وأمرها عنده متلقّى بالقبول، والعدل فهو منه مأمول، والاتّصاف بالإنصاف فهو دأبه فيما يفعل