للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقف من مذهب ابن ثابت «١» ، على أثبت قدم وينتمي من فقه النّعمان إلى فرع زاك وأصل ثابت، وينشر من أحكامه ما إن وافق الأئمة فهو حجّة قاطعة ومحجّة ساطعة، أو خالفهم بمذهبه فهو رحمة واسعة، ونعمة وإن كانت بين الطّرق فارقة فإنها على الحق جامعة.

ولما كان فلان هو المنتظر لهذه الرتبة انتظار الشمس بعد الغسق، والمرتقب لبلوغ هذه المنزلة التي تقدّمت إليها بوادر استحقاقه في السّبق، والمعطوف على من وصف من الأئمة وإن تأخّر عن زمانه عطف النّسق؛ وهو الذي ما دام يعدل دم الشهداء مداد أقلامه، وتضع الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع من نقل خطواته في طلب العلم وسعي أقدامه، ودخل من خشية الله تعالى في زمرة من حصر بإنّما «٢» ، وهجر المضاجع في طاعة الله لتحصيل العلم فلو عدّت هجعاته لقلّما، وهجّر في إحراز الفضائل فقيّد أوابدها، وأحرز شواردها، ولجّج في بحار المعاني فغاص على جواهرها، ونظر نظرة في نجوم العلوم فاحتوى على زهرها وراد خمائل الفضائل فاستولى على أزاهرها، وانتهى إليه علم مذهبه فبرّز على من سلف، وجارى علماء عصره فوقفت أبصارهم عن رؤية غباره وما وقف، ونحا نحو إمامه فلو قابله يعقوب مع معرفته في بحث لانصرف، وتعيّن عليه القضاء وإن كان فرض كفاية لا فرض عين، وقدّمه الترجيح الذي جعل رتبته همزة استفهام ورتبة غيره بين بين- اقتضى رأينا الشريف اختصاصه بهذا التمييز، والتنبيه على فضله البسيط بهذا اللفظ الوجيز.

فلذلك رسم أن يفوّض إليه كيت وكيت. فليتولّ هذه الرتبة التي أصبح فيها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نائبا وبشرعه قائما، ويتقلّدها تقلّد من يعلم أنه قد أصبح على حكم الله مقدّما وعلى الله قادما، ويتثبّت تثبّت من يعتصم بالله في حكمه فإنّ أحد الخصمين قد يكون ألحن بحجّته وإن كان ظالما، ويلبس لهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>