للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفاض بطلوع شمسه أنواره، ويحلّى به بعد العطل جيده، وينظم في سلك عقود الأمة فريده، وتكمّل به قوى الدين تكملة الاجساد بقوى الطبائع الأربع، وتعمّر به ربوع الملة التي ليس بعدها من مصيف لملّة ولا مربع، وتثبّت به قوائم الشرع التي ما للباطل في إمالة بعضها من مطمع، وتجلى به عمّن ضاق عليه المجال في بعض المذاهب الغمّة، ويستقرّ به عدد الحكّام على عدد الأئمة المستقرّ على عدد الخلفاء الراشدين من خلفاء الأمّة، ويمدّ به على الخلق جناح الرحمة وافر القوادم وارف الظّلال، ويجمع به عليهم ما جمع الله في أقوال أئمتهم من الحق وماذا بعد الحقّ إلّا الضّلال،- أمر القضاء على مذهب الإمام أبي حنيفة النّعمان بن ثابت رضي الله عنه الذي اشتقّ الله له من الملّة الحنيفيّة نسبة سرت في الآفاق، وأفاض عليه من موادّ القياس الجليّ كنوزا نمت على الإنفاق، وعضّد أيّامه بوليّي عهد قولهما حجة فيما تفرّدا به من الخلاف أو اجتمعا عليه من الوفاق؛ وعدّ من التابعين لقدم عهده، وسمّي «سراج الأمة» لإضاءة نوره بهما من بعده.

ولما خلا بانتقال مباشره إلى الله تعالى، توقّف مدّة على ارتياد الأكفاء، وارتياء من هو أهل الاصطفاء، واختيار من تكمل به رفعة قدره، ويعيد لدسته بتصدّره على بساط سليمانه بهجة صدره، ويغدو لسرّ إمامه بعد إماتة هذه الفترة باعثا، ويصبح وإن كان واحد عصره لأبي يوسف ثانيا ولمحمد بن الحسن ثالثا؛ ويشبّه به البلخيّ «١» زهدا وعلما، والطّحاويّ «٢» تمسّكا بالسّنّة وفهما، ويغترف القدوريّ «٣» من بحره، ويعترف الحصريّ «٤» بالحصر عن إحصاء فضله وحصره،

<<  <  ج: ص:  >  >>