للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله الذي أطلع في أفق الدّين الحنيف شمسا منيرة، ورفع درجة من جعله من العلم على شريعة ومن الحكم على بصيرة، وقلّد أمور الأمة لمن يعلم أنّ بين يديه كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، ووفّق لفصل القضاء من مشى على قدم أقدم الأئمة فسار في مذهبه المذهب أحسن سيرة، الذي أدّخر للحكم في أيّامنا الشريفة من نفائس العلماء أفضل ذخيرة، وقضى بإرجاء أمره لنختار له من تحلّى به بعد العطل «١» وكلّ قضاء خيرة، وأيقظ عنايتنا لمن رقد الدهر عن فضله فباتت عين الاستحقاق باستقرار رتبته قريرة.

نحمده حمد من توافت إليه النّعم الغزيرة، وتوالت عليه المنن الكثيرة في المدد اليسيرة، وأخصبت في أيامه رياض الفضائل فهي بكلّ عالم عدم النظير نضيرة، وافتتح دولته برفع منار العدل فآمال أهل الظلم عن تعاطيه قاصرة وأيدي أهل الباطل عن الامتداد إليه قصيرة، وخصّ المناصب في ممالكه بالأكفاء فإذا تلبّست بها همم غيرهم عادت خاسئة أو امتدت إليها أبصار من دونهم رجعت حسيرة.

ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تصلح العلن والسريرة، وتصبح بها القلوب موقنة والألسن ناطقة والأصابع مشيرة، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بعث الله به الرسل مخبرة وأنزل الكتب بمبعثه بشيرة، واجتباه من خير أمّة من أكرم أرومة وأشرف عشيرة، وأظهر أنوار ملّته إلا لمن أعمى الغيّ بصيرته وهل ينفع العمي شمس الظّهيرة، وخصّه بالأئمة الذين وفقهم للاستعانة بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة، وجعل علماءهم ورثة الأنبياء فلو ادّعيت لأحكامهم العصمة لكانت بذلك جديرة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة نتقرّب بدوامها إلى الله فيضاعفها لنا أضعافا كثيرة، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّ أولى الأمور بأن تشاد قواعده، وتتعهّد معاهده، ويعلى مناره،

<<  <  ج: ص:  >  >>