الصادع بما أمر الله به ولو على نفسه، والمستردّ الحقوق الذاهبة من غير محاباة حتّى لغده من يومه وليومه من أمسه.
ولما كان قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهّاب ممن هو في أحسن هذه السّمات قد تصوّر، وكادت نجوم السماء بأنواره تتكثّر، وتجوهر بالعلوم فأصبح حقيقة هو التاج المجوهر، وله مزايا السّؤدد التي لا يشك فيها ولا يرتاب، وسجايا الفضل التي إذا دخل إليه غيره من باب واحد دخل هو إليه من عدّة أبواب؛ وهو شجرة الأحكام، ومصعد كلم الحكّام، ومطلع أنجم شرائع الإسلام، ومهبط وحي المقدّمات والارتسام، ومجتمع رفاق القضايا في الحلال والحرام- خرج الأمر الشريف بتجديد هذا التقليد الشريف له بقضاء القضاة بالديار المصرية: فليستصحب من الحق ما هو مليّ باستصحابه، وليستمرّ على إقامة منار الحق الذي هو موثّق عراه ومؤكّد أسبابه، وليحتلب من أخلاف الإنصاف ما حفّله اجتهاده ليد احتلابه، عالما بأنّ كل إضاءة إنارتها من قبسه، وإن استضاء بها في دياجي المنى، وكلّ ثمرة من مغترسه، وإن مدّ إليها يد الاجتنا، وكلّ جدول هو من بحره وإن بسط إليه راحة الاغتراف، وكلّ منهج هو من جادّته وإن ثنى إلى سلوكه عنان الانصراف لا الانحراف؛ وهو بحمد الله المجتهد المصيب، والمادّة للعناصر وإن كان نصيبه منها أوفر نصيب، وسجاياه يتعلّم منها، كيف يوصّى ويعلّم، ومزاياه تقوّم الأود، كيف يقوّم، والله الموفّق بمنّه وكرمه! الثاني- قاضي القضاة الحنفيّة على ما استقرّ عليه الحال من لدن القاضي جمال الدين محمود القيسريّ وإلى آخر وقت. وموضوعها النظر في الأحكام الشرعيّة على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ويختصّ نظره بمصر والقاهرة خاصّة.
وهذه نسخة تقليد بقضاء قضاة الحنفيّة كتب به لمن لقبه شمس الدين، وهي: