نفع ما فيه جناح؛ فليقض في هذا كلّه إذا رآه بمقتضى مذهبه، وليهتد في هذه الآراء وسواها بقمر إمامه الطالع أبي حنيفة وشبهه، وليحسن إلى فقهاء أهل مذهبه الذين أدنى إليه أكثرهم الاغتراب، وحلّق بهم إليه طائر النهار حيث لا يحلّق البازيّ وجناح الليل حيث لا يطير الغراب؛ وقد تركوا وراءهم من البلاد الشاسعة، والأمداد الواسعة، ما يراعى لهم حقّه إذا عدّت الحقوق، ويجمعه وإيّاهم به أبوه أبو حنيفة وما مثله من ينسب إلى العقوق.
ويزاد المالكيّ:
ومذهبه له السيف المصلت على من كفر، والمذهب بدم من طلّ دمه وحصل به الظّفر؛ ومن عدا قدره الوضيع، وتعرّض إلى أنبياء الله صلوات الله عليهم بالقول الشّنيع، فإنه إنما يقتل بسيفه المجرّد، ويراق دمه تعزيرا بقوله الذي به تفرّد؛ ولم يزل سيف مذهبه لهم بارز الصّفحة، مسلّما لهم إلى مالك خازن النار من مذهب مالك الذي ما فيه فسحة؛ وفي هذا ما يصرح غدر الدّين من القذى، وما لم تطلّ دماء هؤلاء (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى) ؛ وإنما نوصيه بالتحرّي في الثّبوت، [والبينة التي لا يستدرك بها ما يفوت،]«١» وإنما هو رجل يحيا أو يموت، فليتمهّل قبل بتّ القضاء، وليعذر إليهم لاحتمال ثبوت تفسيق الشهود أو بغضاء، حتّى لا يعجّل تلافا، ولا يعجل بما لا يتلافى؛ فكما أننا نوصيه أن لا ينقض في شدّ الوثاق عليهم إبراما، فهكذا نوصيه أن لا يصيب بغير حقّه دما حراما؛ وكذلك قبول الشهادة على الخطّ، وإحياء ما مات من الكتب وإدناء ما شطّ، فهذا مما فيه فسحة للناس، وراحة ما فيها باس؛ إلا أنه يكون الثبوت بهذه البيّنة للاتصال، لا لنزع يد ولا إلزام بمجرّدها بمال؛ وهكذا ما يراه من ولاية الأوصياء وهو مما تفرّد به هو دون البقية، وفيه مصلحة وإلا فما معنى الوصيّة؛ وهو زيادة احتراز ما تضرّ مراعاة مثلها في الأمور الشرعيّة، وسوى هذا مثل إسقاط الرّيع في وقف استردّ وقد بيع، وعطل المشتري من التكسّب