للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك المال مدة لا يشتري ولا يبيع؛ وهذا مما يبتّ قضاءه في مثله، ويجعل عقاب من أقدم على بيع الوقف إحرامه مدّة البيع من مغلّه، وسوى ذلك مما عليه العمل، ومما إذا قال فيه قال بحقّ وإذا حكم عدل. وفقهاء مذهبه في هذه البلاد قليل ما هم، وهم غرباء فليحسن مأواهم، وليكرم بكرمه مثواهم، وليستقرّ بهم النّوى في كنفه فقد ملّوا طول الدّرب، ومعاناة السفر الذي هو أشدّ الحرب، ولينسهم أوطانهم ببرّه ولا يدع في مآقيهم دمعا يفيض على الغرب.

ويزاد الحنبليّ:

والمهمّ المقدّم- وهو يعلم ما حدث على أهل مذهبه من الشّناعة، وما رموا به من الأقوال التي نتركها لما فيها من البشاعة، ونكتفي به في تعفية آثارها، وإماطة أذاها عن طريق مذهبه لتأمن السالكة عليه من عثارها؛ فتعالى الله أن يعرف بكيف، أو يجاوب السائل عنه بهذا إلا بالسيف؛ والانضمام إلى الجماعة والحذر من الانفراد، وإقرار آيات الصّفات على ما جاءت عليه من الاعتقاد، وأنّ الظاهر غير المراد، والخروج بهم إلى النّور من الظّلماء، وتأويل ما لا بدّ من تأويله مثل حديث الأمة التي سئلت عن ربّها: أين هو فقالت في السماء؛ وإلا ففي البليّة بإثبات الجهة ما فيها من الكوارث، ويلزم منها الحدوث والله سبحانه وتعالى قديم ليس بحادث ولا محلّا للحوادث؛ وكذلك القول في القرآن ونحن نحذّر من تكلّم فيه بصوت أو حرف، فما جزاء من قال بالصوت إلا سوط وبالحرف إلا حتف؛ ثم بعد هذا الذي يزع به الجهّال، ويردّ دون غايته الفكر الجوّال، ينظر في أمور مذهبه ويعمل بكل ما صحّ نقله عن إمامه وأصحابه: من كان منهم في زمانه ومن تخلف عن أيامه؛ فقد كان رحمه الله إمام حقّ نهض وقد قعد الناس تلك المدّة، وقام نوبة المحنة مقام سيد تيم «١» - رضي الله عنه- نوبة الرّدّة، ولم تهبّ به زعازع المريسيّ «٢» وقد هبّت مريسا «٣» ، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>