القضاة بدر الدّين بن جماعة، عوضا عن والده، في جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة؛ وهي:
الحمد لله متمّ فضله على كلّ أحد، ومقرّ النّعمة على كلّ والد وولد، الذي خصّ أولياءنا ببلوغ الغايات في أقرب المدد، واستصحاب المعروف فما ينزع منهم خاتم من يد إلّا ليد.
نحمده بأفضل ما يحمده به من حمد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة باقية على الأبد، ونصلي على سيدنا محمد نبيّه الذي جعل شريعته واضحة الجدد، قائمة بأعلام العلماء قيام الأمد، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين شبّههم في الهدى بالنّجوم وهم مثلها في كثرة العدد، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ نعمنا الشريفة لا تتحوّل، ومواهبنا الجزيلة [لا تزال لأوليائنا]«١» تتخوّل، وكرمنا يمهّد منازل السّعود لكل بدر يتنقّل، وشيمنا الشريفة ترعى الذّمم لكلّ من أنفق عمره في ولائها، وتحفظ ما لها من المآثر القديمة بإبقائها في نجباء أبنائها؛ مع ما نلاحظه في استحقاق التقديم، وانتخاب من ترقّى منهم بين العلم والتعليم، وحصّل في الزمن القليل العلم الكثير، واستمدّ من نور والده وهو البدر المنير، وعلم بأنّه في الفضائل سرّ أبيه الذي شاع، وخليفته الذي لو لم ينصّ عليه لما انعقد [إلا]«٢» عليه الإجماع، والواحد الذي ساد في رتبة أبيه وما خلت من مثله- لا أخلى الله منه البقاع!.
وكان المجلس الساميّ القضائيّ، الفلانيّ، هو المراد بما قدّمنا من صفاته الجميلة، وتوسّمنا أنه لمعة البدر وهي لا تخفى لأنها لا تردّ العيون كليلة؛ ورأى والده المشار إليه من استحقاقه ما اقتضى أن ينوّه بذكره، وينبّه على المعرفة