بحقّ قدره، فآثر النّزول له عمّا باسمه من تدريس الزاوية بجامع مصر المحروسة ليقوم مقامه، ويقرّر فوائده وينشر أعلامه، ويعلم أنه قد حلّق في العلياء حتّى لحق البدر وبلغ تمامه؛ فعلمنا أنّ البركة فيما أشار، وأنّ اليمن بحمد الله فيما رجّحه من الاختيار.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- زاد الله في شرفه، وجعل أقطار الأرض في تصرّفه- أن يرتّب في هذا التدريس عوضا عن والده، أطال الله بقاءه على عادته وقاعدته إلى آخر وقت لأنه أحقّ من استحق قدره الرفيع التمييز، وأولى بمصر ممن سواه لما عرفت به مصر من العزيز ثم من عبد العزيز.
ونحن نوصيك أيّها العالم- وفّقك الله- بالمداومة على ما أنت بصدده، والمذاكرة للعلم فإنّك لا تكاثر العلماء إلا بمدده، والعمل بتقوى الله تعالى في كل قصد وتصدير، وتقريب وتقرير، وتأثيل وتأثير، وتقليل وتكثير، ونصّ وتأويل، وترتيب وترتيل، وفي كل ما تزداد به رفعتك، وتطير به سمعتك، ويحسن به الثناء على دينك المتين، ويقوم به الدليل على ما وضح من فضلك المبين.
واعلم بأنك قد أدركت بحمد الله تعالى وبكرمنا وبأبيك وباستحقاقك ما ارتدّ به كثير عن مقامك، ووصلت في البداية إلى المشيخة في زاوية إمامك؛ فاعمل في إفادة الطّلبة بما يرفع الرافعيّ لك به الراية، ويأتمّ بك إمام الحرمين في النّهاية؛ فقد أمسيت جار البحر فاستخرج جمانه، واجتهد لتصيب في فتاويك فإنّ أوّليك سهام رميها من كنانة؛ وسبيل كل واقف عليه العمل بمقتضاه والاعتماد «١» .
وهذه نسخة توقيع بتدريس زاوية الشافعيّ بالجامع العتيق أيضا، من إنشاء