البشرى بما قاله أصدق القائلين، في النبإ الذي تتمّ به الزيادة والنماء: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
«١» ولما كان المجلس السامي هو الذي استوجب التصدير لإلقاء الدروس، وأضحى مالكيّا مالكا أزمّة الفضائل حائزا من أثوابها أفخر ملبوس، وله بخزانة خاصّنا الشريف وإصطبلاته السعيدة الشهادة البيّنة، والكتابة التي هي العزّ الحاضر فلا يحتاج معها إلى إقامة بيّنة، والكفالة التي نطقت بها الأفواه مسرّة ومعلنة، والأمانة التي حذا فيها حذو أبيه واتّبع سننه.
فلذلك رسم- لا زال يديم النّعم لأهلها، ويبقي المراتب الدينيّة لمن أضحى محلّه مناسبا لمحلّها، أن يستقر [في تدريس زاوية الشافعي]«٢» فلينب عن عمّه في هذا التدريس، وليقف ما يسرّ النفوس من أثره النفيس، وليفد الطلبة على عادته، وليبد لهم من النّقول ما يظهر غزير مادّته، وليستنبط المسائل، وليجب بالأدلّة المسائل، وليرجّح المباحث، وليكن لوالده- رحمه الله- أحقّ وارث، وليستقلّ بهذه الوظيفة المباركة بعد وفاة عمه أبقاه الله تعالى، وليتزيّد من العلوم ليبلغ من صدقاتنا الشريفة آمالا، والله تعالى يسدّد له بالتقوى أقوالا وأفعالا، بمنّه وكرمه.
وهذه نسخة توقيع بتدريس المدرسة الصّلاحيّة «٣» المجاورة لتربة الإمام الشافعيّ رضي الله عنه، كتب به لقاضي القضاة تقيّ الدين، ابن قاضي القضاة تاج الدّين ابن بنت الأعزّ. من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، وهي: