بتعصّبه لهذا الإمام أنه قد قام بالتنويه به الآن الحاكم ابن الحاكم أخو الحاكم كما قام به فيما سلف بنو عبد الحكم.
وأما غير ذلك من الوصايا فهو بحمد الله صاحب إلهامها، وجالب أقسامها، وجهينة «١» أخبارها، ومطلع أنوارها، فلا يعاد عليه ما منه يستفاد، ولا ينثر عليه درّ هو منظّمه في الأجياد، والله تعالى يعمّر بسيادته معالم الدين وأكنافه، ويزيّن بفضله المتين أوساط كلّ مصر وأطرافه، ويضيف إليه من المستفيدين من بإرفاقه وإشفاقه يكون عيشه خفضا بتلك الإضافة، ويجعله لا يخصّص حنوّه بمعهد دون معهد ولا بمسافة دون مسافة، ويبقيه ومنفعته إلى سارية سارية الإطافة واللّطافة، وألطافه بهذه الولاية تقول لكلّ طالب في القرافة «٢» الق رافه.
قلت: ولما توفّي قاضي القضاة بدر الدين بن أبي البقاء- تغمده الله تعالى برحمته- وكان من جملة وظائفه تدريس هذه المدرسة، كان السلطان قد سافر إلى الشام في بعض الحركات، فسافر ابنه أقضى القضاة جلال الدين حتّى أدرك السلطان بالطريق، على القرب من غزّة، فولّاه الوظيفة المذكورة مكان أبيه، وكان القاضي نور الدين بن هلال الدولة الدّمشقيّ حاضرا هناك، فأشار إليه القاضي فتح الدين فتح الله كاتب السر الشريف- عامله الله بلطفه الخفيّ- بإنشاء صدر لتوقيعه، يسطر به للعلامة الشريفة السلطانية، فأنشأ له سجعتين، هما:
الحمد لله الذي أظهر جلال العلماء الشافعية بحضرة إمامهم، وأقام سادات الأبناء مقام آبائهم في بثّ علومهم وصلاتهم وصيامهم. ولم يجاوز ذلك إلى