قصد فوّقت العناية سهامها بأصابة غرضه في مراميها، ومجدّد معالم المدارس الدارسة بخير نظر يقضي بتشييد قواعدها وإحكام مبانيها.
نحمده على أن صرف إلى القيام بنشر العلم الشريف اهتمامنا، وجعل بخيرته العائدة إلى التوفيق في حسن الاختيار اعتصامنا.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مفيض نتائج الأفكار من وافر إمداده، ومخصّص أهل التحقيق بدقيق النّظر تخصيص العامّ بقصره على بعض أفراده، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله أوفر البرية في الفضل سهما، والقائل تنويها بفضيلة العلم:«لا بورك لي في صبيحة يوم لا أزداد فيه علما» صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حلّوا من الفضل جواهره الثمينة، والتابعين وتابعي التابعين الذين ضربت آباط الإبل منهم إلى عالم المدينة «١» وبعد، فإنّ أولى ما صرفت إليه الهمم، وبرئت بتأدية حقّه الذّمم، وغدت النفوس بالنظر في مصالحه مشتغلة، والفكر لشرف محلّه منه إلى غيره منتقلة، النظر في أمر المدارس التي جعلت للاشتغال بالعلم سببا موصولا، ولطلبته ربعا لا يزال بمجالس الذكر مأهولا؛ لا سيّما المدارس التي قدم في الإسلام عهدها، وعذب باستمرار المعروف على توالي الأيّام وردها.
ولما كانت المدرسة الصّلاحية بفسطاط مصر المحروسة قد أسّس على التقوى بنيانها، ومهّدت على الخير قواعدها وأركانها، واختصّت طائفة المالكية منها بالخصّيصة التي أغنى عن باطن الأمر عنوانها، وكان المجلس الساميّ هو الذي خطبته الرّتب الجليلة لنفسها، وعيّنته لهذه الوظيفة فضائله التي قد آن ولله الحمد بزوغ شمسها، وعهدت منه المعاهد الجليلة حسن النظر فتاقت في يومها إلى ما ألفت منه في أمسها- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نفرده بهذه الوظيفة التي يقوم إفراده فيها مقام الجمع، ونجمع له من طرفيها ما يتّفق على حسنه