فلذلك رسم بالأمر الشريف، العاليّ، المولويّ، السلطانيّ، الملكيّ، الناصريّ، الزّينيّ:- لا زال يقيم للدّين شعارا، ويرفع لأهل العلم الشريف مقدارا- أن يستقرّ في الوظيفة المذكورة لما اشتهر من علمه وديانته، وبان من عفّته المشهورة ونزاهته، واتّصف به من الإفادة، وعرف عنه من نشر العلوم في الإبداء والإعادة، وشاع من طريقته المعروفة في إيضاحه وبيانه، وذاع من فوائده التي قدّمته على أبناء زمانه، ورفعته إلى هذه المرتبة باستحقاقه على أقرانه.
فليباشر تدريسها مظهرا من فوائده الجليلة ما هو في طيّ ضميره، مضمرا من حسن بيانه ما يستغنى بقليله عن كثيره، مقرّبا إلى أذهان الطلبة بتهذيب ألفاظه الرائقة ما يفيد، موردا من علومه المدوّنة ما يجمع له بين نوادر المقدّمات ومدارك التمهيد، موفّيا نظرها بحسن التدبير حقّ النظر، موفّرا رزقها بما يصدّق الخبر فيه الخبر، قاصدا بذلك وجه الله الذي لا يخيّب لراج أملا، معاملا فيه الله معاملة من يعلم أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا. وملاك الوصايا تقوى الله تعالى فليجعلها إمامه، ويتخيّلها في كل الأحوال أمامه؛ والله تعالى يسدّده في قوله وعمله، ويبلّغه من رضاه نهاية سؤله وغاية أمله، إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة توقيع بالتدريس بقبّة الصالح «١» ، أنشأته لقاضي القضاة جمال الدين «يوسف البساطيّ» بعد أن كتب له بها مع قضاء القضاة المالكية، في العشر الأخير من شعبان سنة أربع وثمانمائة، وهي:
الحمد لله الذي جعل للعلم جمالا تتهافت على دركه محاسن الفضائل،