للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليباشر ما فوّض إليه منها مباشرة مثله لمثلها، وليعطها من نيله مناسب نيلها، وليأخذ أمرها بكلتا يديه، وليعرها جانبا من احتفاله ليظهر عليها آثار سؤدده كما ظهر شريف تخويلها عليه، وليطلق فيها لسان نهيه وأمره، وليعمل في مصالحها صالح فكره؛ فقد عدقت به مهامّها: جليلها وحقيرها، وقليلها وكثيرها، وأميرها ومأمورها، وخليلها وضريرها، وناعقها وناعبها، وكاسيها وكاسبها، ودانيها وقاصيها، وطائعها وعاصيها، ومستقبلها وحالها وماضيها، وواليها وقاضيها، ثقة بتمام تدبيره، وحميد تأثيره، وأنّه إن حكم فصل، وإن قطع أو وصل كان الحزم فيما قطع ووصل؛ إذ هو الوزير الذي قد صرف عن عمل الأوزار وسار، إلا أنه في كل منهج سار، تقطر السيادة من معاطفه، وتجني ثمر المنى من أغصان قلمه يد قاطفه؛ لا شيء يخرج عن حكمه، ولا مصلحة تعزب عن علمه؛ فولاية الحكّام معدوقة بإشارته، موقوفة على ما يثبته ببليغ عبارته. ومع جلالة قدره لا يحتاج إلى التأكيد في الأموال واستدرار أخلافها، والرّعايا والاستدامة بالإحسان ودّ أحلافها، وبيوت الأموال واستيداء حقوقها، ومراعاة جانبها إذ هي الأمّ الحنونة بتجنّب عقوقها، والخزائن فهو أدرى بما يجب من تضييق صدرها بالمناقيص عن الانشراح، والاهتمام بحواصل تشريفها المستجلبة إفاضة ملابسها قلب من غدا وراح؛ وثمّ دقائق، هو أدرى بمالها من طرائق، وحقائق، هو أعرف إذ كان فيها الفاتق الراتق؛ فهو- أجلّه الله- غنيّ عن تفصيلها، وذهنه أشرف عن الوصايا المندوبة لتوصيلها؛ والله تعالى يقدّر له وبه الخير، ويمتّع بحسن تدبيره المقرون بجميل السريرة والسّير؛ والخطّ الشريف أعلاه، حجّة بمقتضاه، إن شاء الله تعالى.

وهذه وصية وزير أوردها في «التعريف» وهي:

يوصى بتقوى الله فإنه عليه رقيب، وإليه أقرب من كلّ قريب؛ فليجعله أمامه، وليطلب منه لكل ما شرع فيه تمامه، وليجل رأيه في كلّ ما تشدّ به الدولة أزرها،

<<  <  ج: ص:  >  >>