وتسند إليه ظهرها، وليجعل العدل أصلا يبني على أسّه، والعمل في أموره كلّها لسلطانه لا لنفسه، وليدع منه الغرض جانبا، وحظّ النفس الذي لا يبدو إلا من العدوّ ليصدق من دعاه صاحبا، وليبصر كيف يثمّر الأموال من جهاتها، وكيف يخلّص بيوت الأموال بالاقتصار على الدّراهم الحلال من شبهاتها، ولينزّه مطاعم العساكر المنصورة عن أكل الحرام فإنه لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يرى به من العين إلا ما يحرّم الهجوع، وليحذر من هذا فإن المفاجيء به كالمخاتل، وليتجنّب إطعام الجند منه فإن [آكل]«١» الدراهم الحرام ما يقاتل، وليحسن كيف يولّي ويعزل، ويسمّن ويهزل؛ وعليه بالكفاة الأمناء، وتجنّب الخونة وإن كانوا ذوي غناء؛ وإيّاه والعاجز، ومن لو رأى المصلحة بين عينيه ألفى بينه وبينها ألف حاجز؛ وليطهّر بابه، ويسهّل حجابه، ويفكّر فيما بعد أكثر مما قرب: مقدّما للأهمّ فالأهمّ من المصالح، وينظر إلى ما غاب عنه وحضر نظر المماسي والمصابح، ولا يستبدل إلا بمن ظهر لديه عجزه أو ثبتت عنده خيانته، ولا يدع من جميل نظره من صحّت لديه كفايته، أو تحقّقت عنده أمانته، وليسلك أقصد الطّرق في أمر الرواتب التي هي من صدقاتنا الشريفة وصدقات من تقدّم من الملوك، وهي إمّا لمن وجب له حقّ وإن كان غنيّا أو عرف صلاحه وهو صعلوك؛ وكذلك ما هو لأيتام الجند الذين ماتوا على الطاعة، وأمثالهم ممن خدم دولتنا القاهرة بما استطاعه؛ فإن غالب من مات منهم لم يخلّف لهم إلا ما نسمح لهم به من معروف، ونجريه لهم من جار هو أنفع من كثير مما يخلّفه الآباء للأبناء من المال المتملّك والوقف الموقوف؛ وليصرف اهتمامه إلى استخلاص مال الله الذي نحن أمناؤه، وبه يشغل أوقاته وتمتليء كالإناء آناؤه؛ فلا يدع شيئا يجب لبيت المال المعمور من مستحقه، ولا يتسمّح في تخلية شيء منه كما أننا نوصيه أنه لا يأخذ شيئا إلا بحقّه؛ وليبق لأيّامنا الزاهرة بتواقيعه ذكرا لا يفنى، وبرّا لا