نحتاج أن نذكّره بما هو من علمه مذكور، وفي صحائفه مسطور، ولا نعلّمه سدادا إذ هو عليه مجبول ومفطور، بل الهدى منه ملتمس ومقتفى ومقتبس، ومأثور؛ وبحمد الله ما في حزمه قصور، ولا في عزمه فتور، وهو بحر العلم المحيط وثبير «١» الحلم الموفور، وليس التقديم له بمستغرب بل فضله المعروف المشهور؛ والله تعالى يرعى له في خدمتنا عهدا قديما، ويبقيه للدعاء مواصلا ومديما، ويوزعه شكر فضل الله على ذلك وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً
«٢» إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة تقليد بكتابة السّر، كتب بها للقاضي شهاب الدّين بن فضل الله «٣» ؛ وهي:
الحمد لله على عناية حفظت ملكنا الشريف بمعقّباتها، وصانته بصاحب تصريف تقوم كتبه وآراؤه مقام الكتائب وراياتها، وسنّت لنا الخيرة لمن نجتني بقلمه النصر من ثمراتها، وبينت الحسنى في طريقته المثلى حتّى انقسم الصّبح من قسماتها، واقتسم النّجح من عاداتها، واتّسم فكره بالنّصح وقد ضلّت الأفكار عن إصاباتها فظلّت في غفلاتها.
نحمده حمدا يهبّ مع الأنفاس في هبّاتها، ويهب من اللطائف الحسان أفضل هباتها، وينبّه القلوب لتقييد شوارد النّعم بصدق نيّاتها، وينافس الكرام الكاتبين على نفائس الثّناء في تسبيح لغاتها بصفيح سماواتها، ونشهد أن لا إله