وصحبه الذين ما منهم إلا من (يكاد يمسكه عرفان راحته) ، وإلّا المؤثر طاعة الله ورسوله وأولي الأمر على راحته، صلاة دائمة الاتّصال، آمنة شمس خلودها من الغروب والزّوال، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى من اخترناه لصحبتنا الشريفة على علم، وأعددناه لمهمّاتنا الكريمة لما فيه من تسرّع إدراك وتثبّت في حكم، وبسطنا له فيما عدقناه به من ذلك لسانا ويدا، وحفظنا به الأحوال من [وصول]«١» مسترق السّمع إليها فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً
«٢» وادّخرنا أقلامه لمصالح كلّ إقليم يمر ركابنا الشريف عليه، وفوّضنا مناقشة مباشريه على ما أهملوه من حقوق الله تعالى وحقوق الرّعايا إليه، وأقمناه لتصفّح ذلك بنفسه، وتلمّح زيادة كلّ يوم على أمسه، وانتزاع الحقّ ممن مدّ يده إلى ظلم بكفّ كفّه عنه ورفع يده، وارتجاع الواجب ممّن أقدم عليه بالباطل في يومه واطّرح المؤاخذة به في غده، وغير ذلك مما أحصاه الله ونسوه، واعتمدوا فيه على المصلحة فاجتنوا ثمرة ما غرسوه- من كان له في المناصحة قدم صدق عند ربّه، وفي خدمة الدولة القاهرة قدم هجرة تقتضي مزيد قربه؛ فكان أبدا بمرأى من عنايتنا ومسمع، ومن إحساننا بالمكان الذي ليس لأحد من الأكفاء في بلوغ غايته أمل ولا مطمع، وتفرّد باجتماع الدّين والمنصب والأصالة والعلم والكرم وهذه خلال الشرف أجمع.
ولمّا كان فلان هو الذي اجتنى من إحسان الدولة القاهرة بالطاعة أفضل الجنى، وفاز من عوارفها العميمة بجميل المخالصة ما زاد على المنى، وانتمى من أدوات نفسه ونسبه إلى كمال المعرفة والعفّة وهما أفخر ما يدّخر للرّتب الجليلة وأنفس ما يقتنى، وعني من أسباب استحقاقه المناصب والرتب بما