إلى حدّ لا يقنع منه بدون حصوله، مجيبا في الإذن لمن أظهر الاستحقاق صدق ما ادّعاه، قابلا في الثّبوت من مشايخ هذه الصّناعة من لا يشهد إلا بما علمه ولا يخبر من التدرّب إلا بما رآه ووعاه، متحرّيا في الثّبوت لدينه، آذنا بعد ذلك في التصرّف إن ترقّى علمه باستحقاقه إلى رتبة تعيينه؛ وليعط هذه الوظيفة حقّها من تقديم المبرّزين في علمها، وتكريم من منحه الله درجتي نقلها وفهمها، وتعليم من ليس عليه من أدواتها المعتبرة غير وسمها واسمها، ومنع من يتطرّق من الطّرقية «١» إلى معالجة وهو عار من ردائها، وكفّ يد من يتهجّم على النفوس فيما غمض من أدوائها قبل تحقّق دوائها، واعتبار التقوى فيمن يتصدّى لهذه الوظيفة فإنّها أحد أركانها، واختيار الأمانة فيمن يصلح للاطلاع على الأعضاء التي لولا الضرورة المبيحة حرم الوقوف على مكانها؛ وليكن في ذلك جميعه مجانبا للهوى، ناويا نفع الناس فإنما لامريء ما نوى؛ والله تعالى يحقّق له الأمل، ويسدّده في القول والعمل، بمنّه وكرمه.
قلت: وربّما افتتح توقيعها ب «أما بعد حمد الله» .
وهذه نسخة توقيع برياسة الطّب، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبيّ، كتب بها ل «شهاب الدين الحكيم» في المحرّم سنة تسع وسبعمائة، وهي:
أمّا بعد حمد الله حاسم أدواء القلوب بلطائف حكمته، وقاسم أنواع العلوم بين من كمل استعدادهم لقبول ما اقتضته حكمة قسمته، وجاعل لباس العافية من نعمه التي هي بعد الإيمان أفضل ما أفاض على العبد من برّه وأسبغ عليه من نعمته، والمنزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته، ومقرّب ما نأى من الفضائل على من أسرى إليها على مطايا عزمه وسرى لتحصيلها على جياد همّته، وملهم آرائنا بتفويض أمانة الأرواح إلى من