دينه ما يكفيه في الوصيّة، وما يرفعه بين أبناء جنسه في الحياة الدنيويّة، والاعتماد على الخط الشريف أعلاه الله أعلاه.
وهذه نسخة توقيع لبطرك اليعاقبة، وهي:
أما بعد حمد الله على أن جعل من إحسان هذه الدولة لكلّ ملّيّ وذمّيّ نصيبا، وفوّق إلى أهداف الرّعاية سهما فسهما ما منها إلا ما شوهد مصيبا، والصلاة على سيدنا محمد الذي أحمد الله له سرى في صلاح الخلائق وتأويبا- فإنه لمّا كان من سجايا الدولة القاهرة النظر في الجزئيّات والكلّيّات من أمور الأمّة، وتجاوز ذلك إلى رعاية أهل الذمّة؛ لا سيّما من سبقت وصية سيد المرسلين عليهم من القبط الذين شرّفهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- بوصلته منهم بأمّ «١» إبراهيم ولده عليه السّلام، وقبول هديّتهم التي أبقت لهم مزيّة على ممرّ الأيّام؛ وكانوا لا بدّ لهم من بطريك يحفظ سوامهم، ويضبط خواصّهم وعوامّهم، ويجمع شمل رهبانهم، ويراعي مصالح أديانهم، ويحرّر أمور أعيادهم ومواسمهم في كل كنيس، ويدعو للدولة القاهرة في كل تقديس، وتجعل له الخيرة في ضبط أمور البيع والدّيرة واختيار الأساقفة والكهّان، وحفظ النواميس المسيحيّة في كل قربان؛ ولا يصلح لذلك إلا من هو بتول، وكلّ خاشع عامل ناصب يستحقّ بذلك أنّ هذا الأمر إليه يؤول.
ولما كان البطريرك فلان هو المجمع على صلاحيته للبطركية على شعبه، والتقدمة على أبناء المعموديّة من شيعته وصحبه، لما له من علم في دينه، ومعرفة بقوانينه، وضبط لأفانينه، وعقل يمنعه عن التظاهر بما ينافي العهود، ويلافي الأمر المعهود- اقتضى جميل الاختيار أنه رسم بالأمر الشريف- لا برح يضع كلّ شيء في موضعه من الاستحقاق، ويبالغ في الإرفاد لأهل الملل والإرفاق- أن يباشر بطركيّة جماعة اليعاقبة بالديار المصريّة، على عادة من تقدّمه في هذه الرتبة، ومن ارتقى قبله إلى هذه الهضبة.