حكمها، ولا يتغيّر على مرّ الزمان رسمها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن من كريم سجايانا التي جبلنا عليها، وشريف شيمنا التي يجذبنا طيب العنصر إليها، أن نخصّ أخصّ الأولياء بأسنى الولايات، ونتحف أصفى الأصفياء بنهاية غيره في البدايات، ونرفع قدر من لم يزل ظهره للملوك محرابا، وننوّه بذكر من رغبت فيه الوظائف فعدلت إليه عن سواه إضرابا.
وكان المجلس الساميّ، القاضويّ، العالميّ، العامليّ، الفاضليّ، الكامليّ، البارعيّ، البليغيّ، الماجديّ، الأوحديّ، الأثيريّ، الأثيليّ، العريقيّ، الأصيليّ، الخطيبيّ، الناصريّ، مجد الإسلام، بهاء الأنام، شرف الرؤساء، أوحد الكبراء، صدر الأعيان، جمال الخطباء، جلال النّظّار، صفوة الملوك والسلاطين، أبو عبد الله محمد، ابن المجلس الساميّ، الجماليّ، المرحوم عبد الله الطّناحي، إمام المقام الشريف: أدام الله تعالى رفعته- قد طالت في المخالصة قدمته، ووفرت من صدق الموالاة قسمته، فرفع على الابتداء خبره، ونصب على [المدح]«١» تقدّمه فحمد في الاختيار أثره؛ وكانت وظيفتا نظر الصادر وخطابة الجامع الغربيّ بثغر الإسكندرية المحروس- حرسه الله تعالى وحماه وصان من طروق العدوّ المخذول حماه- من أرفع الوظائف قدرا، وأميزها رتبة وأعلاها ذكرا- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نسند ولايتهما إليه، ونعتمد في القيام بمصالحهما عليه.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زالت آراؤه مسدّدة، ونعمه على الأولياء في كلّ حين مجدّدة- أن يستقرّ المشار إليه في الوظيفتين المذكورتين عوضا عمن كانتا بيده، بما لهما من المعلوم، ويفسح له في الاستنابة على عادة من تقدّمه في ذلك: استنادا إلى أمانته التي بلغت به من العفّة منتهاها، وكفايته التي عجز المتكلّفون عن الوصول إلى مداها، وفصاحته التي أعجزت ببراعتها