الخطباء الأماثل، وبلاغته التي قضت بالعيّ على قسّ إياد وحكمت بالفهاهة «١» على سحبان وائل.
فليتلقّ ما أسند إليه بيده الطّولى وباعه المديد، وليقابل هذه النعمة الحفيلة بالشّكر فإنّ الشكر مستلزم للمزيد، عالما أنّ نظر الصادر يقدّمه أهل الثغر على عامّة الوظائف ما دقّ منها وما جلّ، ويتبرّك المرتّبون عليه بما يأخذونه من راتبه وإن قلّ؛ فليحسن النظر فيه وردا وصدرا، ويميّز ريعه بحسن النظر فيه حتّى يقول المعاند: ما أحسن هذا نظرا! والجامع الغربيّ فهو أجلّ جوامع الثغر الإسكندريّ قدرا، وأعظمها في الأقطار صيتا وأسيرها في الآفاق ذكرا، يحضر الجمعة فيه أهل الشّرق والغرب، ويلمّ بخطبته سكّان الوهاد والهضب؛ فليرق منبره رقيّ من خطبه المنبر لخطبته، وعلم علوّ مقامه فقابله بعلوّ رتبته؛ ويشنّف الأسماع بوعظه، ويشج القلوب بلفظه، ويحيي العقول بتذكيره، ويبك العيون بتحذيره، وليعد للجامع ما تعوّده من الإسعاد، ويجدّد ما درس من معالم خطابته حتّى يقال: هذا ابن المنيّر «٢» قد عاد؛ وعماد الوصايا تقوى الله فهي ملاك الأمور كلّها، وعليها مدار أحوال الدّنيا والآخرة في عقدها وحلّها؛ وهاتان مقدّمتا خير فليكن لنتيجتهما يرتقب، ولا يقطع بالوقوف معهما رجاءه «فأوّل الغيث قطر ثم ينسكب» والاعتماد على الخط الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه، حجة فيه بمقتضاه، إن شاء الله تعالى.