ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة هي خير ما ينطق به الإنسان ويفوه، لا يبرح اللسان يكرّر إخلاصها ويتلوه، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي رفع الله ببعثته عن هذه الأمة كلّ مكروه، وحمى بشرعته الدين الحنيف فلا يلمّ به التبديل ولا يعروه، وأفاض ببركاته في كل وجه ما يوسع الخير ويدرّه ويمنع الشّر ويذروه، صلى الله عليه وعلى آله الذين هم عترته وأقربوه، وصحبه الذين استمعوا قوله واتّبعوه، صلاة لا يزال وافدها يتبع سبيل الإجابة ويقفوه، ويصل إلى محل القبول ولا يجفوه، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فإنّ الله تعالى لما قرن آراءنا بالسّداد، وأحسن بنا النظر في صلاح البلاد ومصالح العباد، لم نزل نرفع أقدار المخلصين بمزيّة الاختيار والارتياد، ونجمعهم في صعيد الإحسان ونحلّهم رتب الإصعاد، وندني منهم من له تامّ اهتمام وشادّ اجتهاد، ونميز منهم من حسن حالا بالجمع والإفراد.
والولاية على الولاة بالوجه القبليّ من أهم ما يلمح، وأعمّ ما يختار له من للحق ينصر وللخلق ينصح؛ إذ بهذا الوجه عيون البلدان، ووجوه العربان، وكراسيّ الأقاليم الحسان، ومراكز الولايات التي تحلّ دائرة السّوء بأهل العدوان، وإقطاعات الجند والأمراء، والخواصّ الشريفة التي على عمارتها إجماع الآراء، وعليه تتردّد التّجّار، وإليه بالميزة يشار، ومنه تتعدّد المنافع فيتعيّن أن ندفع عنه المضارّ، ونلقي أموره لمن ينتقى حزمه وعزمه ويختار.
ولمّا كان فلان هو الذي له ولايات اقتضت تقديمه، وسبقت منه سوابق خدم أجزلت تكريمه، وما زال في الشام عليّ الهمّة حسن الشّيمة، وطهّر البرّ من كل فاجر، ورأى أن التّقوى أربح المتاجر، وأعذب للرعية من المعدلة الموارد فصدر من أبوابنا إلى أحمد المصادر- اقتضى حسن الرأي الشريف أن نجعل له من إقبالنا النصيب الوافر، فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا برح يزيد الأقدار علاء ويظهرها من تكريمه في أحسن المظاهر- أن تفوّض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالوجه القبلّي وجميع نواحيه، على عادة من تقدّمه في ذلك