الاعتزاء والاعتزام، لا يرهبون الحمام، ويخوضون لجج المنون بالحسام، ونيابة السلطنة الشريفة به من أجلّ النيابات مقدارا، وأكرمها آثارا، وأعزّها أنصارا؛ إذ هو تلقاء أوامرنا الشريفة المنطوية عليها أسرار البريد، ومن عنده تتفرّع المهمات للقريب والبعيد، وعنه يصدر البريد، وإليه يرد بكل ثناء جديد، ومنه يأتي إلى مسامعنا الشريفة بما نريد، فلا يحلّ دار سعادتها إلا من هو منصور سعيد، وذو رأي سديد، وحزم حديد، وقد اخترنا لها بحمد الله كفأها المعيد.
ولما كان فلان هو الضّاري على العدا، والغيث المتوالي النّدى، والهمام الذي جرّد سيف عزمه أبدا فلا يرى مغمدا، واتّصف بحسن الصفات فما ساد سدى، قد تجملت الممالك بآرائه وراياته، وثباته ووثباته، وروض تدبيره وطيب نباته، وحسن اعتماده في خدمة ملكنا الشريف ومهمّاته؛ إن ذكرت الموالاة الصادقة كان راوي مسندها، وحاوي جيدها، والآوي إلى ظلّها المديد وطيب موردها؛ وإن ذكرت الشجاعة كان زعيم كتائبها، ومظهر عجائبها، وليث مضاربها، ومجرّد قواضبها، وفارس جنائبها «١» ، ومطلب أطلابها ومنجح مطالبها، ومجلّي غياهبها- اقتضى حسن الرأي الشريف أن يعقد عليه لواء الاحتشام، في الشام، وأن يخصّ بالبركات، المخلّصة من الدّركات.
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن تفوّض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالشام المحروس، على عادة من تقدّمه وقاعدته، وأن يكون داخلا في نيابته الشريفة ما هو مضاف إلى الشام المحروس: من ممالك وقلاع، ومدن وضياع، وثغور ومواني، وسواحل في أقاص وأداني، تفويضا اتّسقت درره، وأشرقت غرره، وتليت آياته وسوره.
فليمهّد بالعدل أكناف البلاد، ولينظر بعين الرعاية والسّداد، ولينشر لواء