للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحكم بينهم بما أراك الله ولا تتّبع أهواءهم؛ وقد فقّهك الله في دينه، وأوردك من موارد يقينه، ما جعله لك نورا، وجلاه لك سفورا، وأقامه عليك سورا، وعلّمك ما لم تكن تعلم منه أمورا؛ فإن أشكل عليك أمر فردّه إلى كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وإجماع أصحابه فإن لم تجد فعندك من العلماء من تجعل الأمر بينهم شورى، ولأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاب «١» كتبه إلى بعض القضاة، فاعمل بمقتضاه، واعلم بأنّ الله تعالى قد ارتضاك لخلقه فاعمل على رضاه.

والأئمة العلماء هم إخوانك في الدّين، وأعوانك على ردع المبتدعين، ولسانك في المحفل وجناحك إذا جلسوا ذات الشمال وذات اليمين؛ فنزّلهم منازلهم الّتي أحلّهم الله في شرفاتها، وبوّأهم رفيع غرفاتها، وتألّف خواطرهم فإنّك تنظر إلى كثير من الأمور في صفاء مصافاتها.

ومن نسب إلى خرقة الفقر «٢» وأهل الصلاح هم أولياء الله المقرّبون، وأحبّاؤه الأقربون، فعظّم حياتهم، وجانب محاباتهم، فما منهم وإن اختلفت أحوالهم إلا من هو على هدى مبين، واحرص أن تكون لهم حبّا يملا «٣» قلوبهم فإنّ الله ينظر إلى قوم من قلوب قوم آخرين.

وانتصب للدروس الّتي تقدّمت بها على وافد الطلبة فإنّ الكرم لا يمحقه الالتماس، والمصباح لا يفني مقله كثرة الاقتباس، والغمام لا ينقصه توالي المطر ولا يزيده طول الاحتباس، والبحر لا يتغيّر عن حاله وهو لا يخلو عن الورّاد في عدد الأنفاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>