للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صوان، وحكّامها بمعاضدته في أعلى درجة وأرفع مكان- أن يفوض إليه ...

فليباشر هذه الوظيفة مباشرة مثله لمثلها، وليعمل بما يعلمه من أحكامها فهو ابن بجدتها «١» والخبير بمسالك وعرها وسهلها؛ فهو الحاكم الّذي لا يساوى، والإمام الّذي يقتدى به في الأحكام والفتاوى؛ فعليه بالتأنّي في الأحكام، والتّثبّت فيما يصدر عنه من النّقض والإبرام؛ ولينظر في الأمر قبل الحكم المرّة ثم الأخرى، ويكرّر النّظر في ذلك ولو أقام شهرا، ويراجع أهل العلم فيما وقف عليه ويشاورهم فما ندم من استشار، ويقدّم استخارة الله تعالى في سائر أموره فما خاب من استخار، وليدر مع الحق كيف دار، ويتّبع الصّواب أنّى توجّه ويقتفي أثره حيث سار؛ وإذا ظهر له الحقّ قضى به ولو على ابنه وأبيه، وأعزّ أصدقائه وأخصّ ذويه، غير مفرّق في فصل القضاء بين القويّ والضّعيف، والوضيع والشّريف، ولا مميّز في تنفيذ الحكم بين الغنيّ والفقير، والسّوقة والأمير، وليسوّبين الخصوم حتّى في تقسيم النظر إليهم، كما في موقف الحكم وسماع الدّعوى وردّ الأجوبة فيما لهم وعليهم، وليستخلف من النوّاب من حسنت لديه سيرته، وحمدت عنده طريقته، ويوص كلّا منهم بما نوصيه به ويبالغ في تأكيد وصيته، ويستحضر السر في قوله صلّى الله عليه وسلم: «ألا كلّكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته» . وليمعن النّظر في أمر الشهود الذين تترتب على شهادتهم أمور الدنيا والفروج والأموال، ويتفقّد أمرهم في كل وقت ولا يغفل عنهم في حال من الأحوال، ويحملهم من الطرائق على أحسن وجهها؛ وأحقّهم بإمعان النظر شهود القيمة والعمائر، الذين يقطع بقولهم في أملاك الأيتام والأوقاف مما تنفر عنه القلوب وتنبو عنه الضمائر.

والوكلاء «٢» والمتصرّفون فهم قوم فضل عنهم الشرّ فباعوه، واستحفظوا

<<  <  ج: ص:  >  >>