للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا المذهب من قاضي قضاة يقيم مناره، ويديم أنواره، ويرفع شعاره، ويحيي مآثر إمامه وآثاره، ويؤمن كمال أفقه أن يعاود سراره «١» ؛ وكان المجلس الساميّ، القاضويّ، الفخريّ، هو الّذي لا يعدوه الارتياد، ولا يقف دونه الانتقاء والانقياد، ولا تتجاوزه الإصابة في الاجتهاد: لما عليه من علم جعله مخطوبا للمناصب، وعمل تركه مطلوبا للمراتب الّتي لا تذعن لكلّ طالب، وتقّى أعاده مرتقيا لكلّ أفق لا يصلح له كلّ شارق «٢» ، وورع فتح له أبواب التّلقّي بالاستدعاء وإن لم تفتح لكلّ طارق؛ وهو هجر الكرافي تحصيل مذهب «إمام دار الهجرة» إلى أن وصل إلى ما وصل، وأنفق مدّة عمره في اقتناء فوائده إلى أن حصل من الثّروة بها على ما حصل، فسارت فتاويه في الآفاق، ونمت بركات فوائده الّتي أنفقها على الطّلبة فزكت على الإنفاق- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نبّقي فخر هذا المنصب الجليل بفخره، وأن نخصّ هذا المذهب النبيل بذخره، وأن نحلّي جيده بمن نقلنا إلى وشام «٣» الوسام ما كان من حسن شنب العلم مختصّا بثغره.

فرسم بالأمر الشريف- لا زال لأحكام الشرع مقيما، وللنظر الشريف في عموم مصالح الإسلام وخصوصها مديما، أن يفوّض إليه......... لما تقدّم من تعيّنه لذلك، وتبيّن من أنه لحكم الأولوية بهذه الرتبة من مذهب الإمام مالك مالك.

فليل هذه الوظيفة حاكما بما أراه الله من مذهبه، مراعيا في مباشرتها حقّ الله في الحكم بين عباده وحقّ منصبه، مجتهدا فيما تبرأ به الذمة من الوقوف مع حكم الله في حالتي رضاه وغضبه، واقفا في صفة القضاء على ما نصّ فيه من شروطه وأوضح من قواعده وشرح من أدبه، ممضيا حقوق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>