للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكامه الخصام «١» ، وتنكّس الرؤوس لهيبته إطراقا، وتغضّ المقل فما تدير جفونا ولا تقلّب أحداقا، ويجري بتصريفه قلم القضاء، ويجاري مرهفه البروق فتقرّ له بالمضاء؛ وقد شيّد الله مبانيه في ممالكنا الشريفة مصرا وشاما على أربعة أركان، وجمع في قضائه الأئمّة الأربعة لتكمل بهم فصول الزمان؛ ومذهب الإمام أبي عبد الله «أحمد بن حنبل» رضي الله عنه هو بالسّنّة النبوية الّطراز المذهب، وطريقة السلف الصالح في كلّ مذهب؛ وقد تجنّب من سلف من علمائه التّأويل في كثير، ووقف مع الكتاب والسّنّة وكلّ منهما هو المصباح المنير.

وكانت دمشق المحروسة هي مدار قطبهم، ومطلع شموسهم ونجومهم وشهبهم، وأهلها كثيرا ما يحتاجون إلى حاكم هذا المذهب في غالب عقد كل بيع وإيجار، ومزارعة في غلال ومساقاة في ثمار، ومصالحة في جوائح «٢» سماويّة لا ضرر فيها ولا ضرار «٣» ، وتزويج كلّ مملوك أذن له سيّده بحرّة كريمة، واشتراط في عقد بأن تكون الامرأة في بلدها مقيمة، وفسخ إن غاب زوجها ولم يترك لها نفقة ولا أطلق سراحها، وبيع أوقاف داثرة لا يجد أرباب الوقف نفعا بها ولا يستطيعون إصلاحها.

فلما استأثر الله بمن كان قد تكمّل هذا المنصب الشريف بشرفه، وتجمّل منه ببقيّة سلفه، حصل الفكر الشريف فيمن نقلده هذه الأمانة في عنقه، ونهنّيء هذا المنصب بطلوع هلاله في أفقه، إلى أن ترجح في آرائنا العالية المرجّح

<<  <  ج: ص:  >  >>