للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوشّيها فأوت إلى الكهف والرّقيم «١» ، وقال لسان قلمه: اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ

«٢» ، وعقيم الزّمان أن يجيء بمثله «إنّ الزمان بمثله لعقيم» ، وتشبّه به أقوام فبانوا وبادوا، وقام منهم عبّاد العباد فلمّا قام عبد الله كادوا- أردنا أن تنال الشّام فضله كما نالته مصر فما تساهم فيه سواهما، ولا يقول لسان الملك لغيره:

حللت بهذا حلّة ثم حلّة ... بهذا فطاب الواديان كلاهما

فلذلك رسم بالأمر الشّريف أن يفوّض إليه تدبير الممالك الشّريفة، ونظر الخواصّ الشريفة والأوقاف المبرورة على عادة من تقدّمه في ذلك.

فليتلقّ هذه الولاية بالعزم الّذي نعهده، والحزم الّذي شاهدناه ونشهده، والتّدبير الّذي يعترف الصواب له ولا يجحده، حتى يثمّر الأموال في أوراق الحسّاب، وتزيد نموّا وسموّا فتفوق الأمواج في البحار وتفوت القطر من السّحاب، مع رفق يكون في شدّته، ولين يزيد مضاء حدّته، وعدل يصون مهلة مدّته؛ والعدل يعمّر، والغدر يدمّر، ولا يثمّر، بحيث إنّ الحقوق تصل إلى أربابها، والمعاليم تطلع بدور بدرها كاملة كلّ هلال على أصحابها، والرّسوم لا تزداد على الطّاقة في بابها، والرّعايا يجنون ثمر العدل في أيّامه متشابها؛ وإذا أنعمنا على بعض أوليائنا بنحل «٣» فلا يكدّر وردها بأنّ تؤخّر، وإذا استدعينا لأبوابنا بمهمّ فليكن الإسراع إليه يخجل البرق المتألّق في السّحاب المسخّر؛ فما أردناك إلّا لأنّك سهم خرج من كنانة، وشهم لا ينهي إلى الباطل عيانه وعنانه؛ فاشكر هذه النعمة على منائحها، وشنّف الأسماع بمدائحها، متحقّقا أنّ في

<<  <  ج: ص:  >  >>