بصحبته الرّتب الفاخرة، وحصلوا بطاعة الله وطاعته على سعادة الدنيا والآخرة، وعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السّيوف فلم يزحزحهم عن ظلّها الرّكون إلى الدّنيا السّاخرة، صلاة تقطع الفلوات ركائبها، وتسري بسالكي طرق النّجاة نجائبها، وتنتصر بإقامتها كتائب الإسلام ومواكبها، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فإن أولى من تلقّته رتبته، التي توهّم إعراضها بأيمن وجه الرّضا، واستقبلته مكانته، التي تخيّل صدودها بأحسن مواقع القبول الّتي تضمّنت الاعتداد من الحسنات بكل ما سلف والإغضاء من الهفوات عمّا مضى، وآلت إليه إمرته التي خافت العطل منه وهي به حالية، وعادت منزلته إلى ما ألفته لدينا:
من مكانة مكينة وعرفته عندنا: من رتبة عالية- من أمنت شمس سعادته في أيّامنا من الغروب والزوال، ووثقت أسباب نعمه بأن لا يروّع مريرها في دولتنا بالانتقاض ولا ظلالها بالانتقال، وأغنته سوابق طاعته المحفوظة لدينا عن توسّط الوسائل، واحتجّت له مواقع خدمه الّتي لا تجحد مواقفها في نكاية الأعداء ولا تنكر شهرتها في القبائل، وكفل له حسن رأينا فيه بما حقّق مطالبه، وأحمد عواقبه، وحفظ له وعليه مكانته ومراتبه؛ فما توهّم الأعداء أنّ برقه، خبا حتّى لمع، ولا ظنّوا أنّ ودقه «١» ، أقلع حتّى همى وهمع، ولا تخيّلوا أنّ حسامه نبا، حتّى أرهفته عنايتنا فحيثما حلّ من أوصالهم قطع؛ وكيف يضاع مثله؟ وهو من أركان الإسلام الّتي لا تنزل الأهواء ولا ترتقي الأطماع متونها، ولا [تستقلّ]«٢» الأعداء عند جهادها واجتهادها في مصالح الإسلام حسبها ودينها.
ولما كان المجلس العالي ... هو الّذي لا يحول اعتقادنا في ولائه، ولا يزول اعتمادنا على نفاذه في مصالحنا ومضائه، ولا يتغيّر وثوقنا به عمّا في خواطرنا من كمال دينه وصحّة يقينه، وأنّه ما رفعت بين يدينا راية جهاد إلّا تلقّاها عرابة عزمه بيمينه؛ فهو الوليّ الّذي حسنت عليه آثار نعمنا، والصّفيّ الّذي نشأ