السلطانية- بصاحب ديوان المكاتبات، وربّما قيل: صاحب ديوان الرسائل. قال في «التثقيف» : وربّما كتب له في قطع النّصف.
وهذه نسخة توقيع شريف من ذلك، وهي:
الحمد لله الّذي زان الدّولة القاهرة، بمن تغدو أسرارها من أمانته في قرار مكين، وحلّى أيّامنا الزاهرة، بمن تبدو مراسمها من بلاغته في عقد ثمين، ومجمّل الكتب السائرة، بمن إذا وشّتها براعته ويراعته قيل: هذا هو السّحر البيانيّ إن لم يكن سحر مبين.
نحمده على نعمه الّتي خصّت الأسرار الشريفة بمن لم يرثها عن كلالة، ونصّت في ترقّي مناصب التّنفيذ على من يستحقّها بأصالة الرّأي وقدم الأصالة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة رقم الإخلاص طروسها، وسقى الإيمان غروسها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي آتاه جوامع الكلم، ولوامع الهدى والحكم، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كتب في قلوبهم الإيمان، وكبت بهم أهل الطّغيان، صلاة يشفعها التّسليم، ويتبعها التّعظيم، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى الرّتب بإرتياد من تعقد على أولويّته الخناصر، ويعتمد على أصالته الّتي ما برحت في الاتصال والاتّصاف بها ثابتة الأواصر، ويعتقد في أمانته الّتي تأوي بها الأسرار إلى «صخرة أعيا الرّجال انصداعها» ، ويعتضد بفضائله الّتي يقلّ في كثير من الأكفاء اجتماعها، ويعول فيها على بلاغته، التي أعطت كلّ مقام حقّه من الإطناب والإيجاز، ويرجع فيها إلى بديهته، التي جرت بها سوابق المعالي إلى غاية الحقيقة في مضمار المجاز- رتبة هي خزانة سرّنا، وكنانة نهينا وأمرنا؛ فلا يتعين لبلوغها إلّا من ومن، ولا يعين لتلقّيها وترقّيها إلّا أفراد قلّ أن يكثر مثلهم في زمن، ولا يحسن أن تكون إلّا في بيت عريق في أنسابها، وثيق في تمكّن عرا أسبابها، عليم بقواعدها الّتي إذا اشتبهت طرق آدابها كان أدرى بها.