ولما كان فلان هو الّذي ذكرت أسباب تعيّنه لهذه الرّتبة وتعيينه، وفتحت أبواب أولويّته بتلقّي راية هذا المنصب بيمينه، مع أدوات كمّلت مفاخره، وصفات جمّلت مآثره، وكتابة، إذا جادت أنواؤها أرض طرس أخذت زخرفها، وإذا حاذت أنوارها وجه سماء ودّت الدّراريّ لو حكت أحرفها، وبلاغة، إن أطرت بوصف أغارت الفرائد، وأعارت دررها القلائد، وأتت من رقّة المعاني بما هو أحسن من دموع التّصابي في خدود الخرائد «١» ، وإن أغرت بعدوّ أعانت على مقاتله السّيوف، ودلّت على مكامنه الحتوف، وديانة، رفعته عند الله وعندنا إلى المكان الأسنى، وصيانة، جمعت له من آلائنا واعتنائنا بين الزّيادة والحسنى، وأمانة، أغنته بجوهر وصفها الأعلى عن التّعرّض إلى العرض الأدنى، وبراعة، اعتضد بها يراعه في بلوغ المقاصد اعتضاد الرّقص بالمغنى.
فلذلك رسم بالأمر الشّريف أن يفوّض إليه كذا فليبشر بتلقيّ هذا الإحسان، بيد الاستحقاق، وليتلقّ عقود هذا الامتنان، الذي طالما قلّده فخره الأعناق، وليباشر ذلك مباشرة يسرّ خبرها ويسري خبرها، ويشنّف الأسماع تأثيرها وأثرها، وليسلك فيها من السّداد، ما يؤكّد حمده، ومن حسن الاعتماد، ما يؤيّد سعده؛ والوصايا كثيرة وهو بها خبير عليم، حائز منها أوفر الأجزاء وأوفى التّقسيم «٢» ، وملاكها تقوى الله فليجعلها عمدته، وليتّخذها في كلّ الأمور ذخيرته؛ والله تعالى يضاعف له من لدنّا إحسانا، ويرفع له قدرا وشانا؛ والاعتماد في ذلك على الخطّ الشّريف أعلاه الله تعالى أعلاه.