وهذه نسخة توقيع من ذلك: كتب به لعماد الدّين «سعيد بن ريان»«١» بالعود إليها، وهي:
الحمد لله رافع قدر من جعل عليه اعتمادا، ومجدّد سعد من غدا في كلّ ما يعدق به من قواعد النّظر الحسن عمادا، ومسنّي حمد من تكفّل له جميل التّصرّف أن لا تبعد الأيام عليه مرادا، ومجزل موادّ النّعم لمن إذا استمطر قلمه في المصالح همى فافتنّ أفنانا وأينع تثميرا وأثمر سدادا، وإذا أيقظ نظره في ملاحظة الأعمال استجلى وجوه المصالح انتقاء لما خفي منها وانتقادا.
نحمده على نعمه الّتي لا تزال النّعم بها مجدّدة، والقواعد موطّدة، والكرم معادا، وآلائه الّتي جعل لها الشّكر ازديانا على الأبد وازديادا، ومننه الّتي لا يقوم بها ولا بأداء فرضها الحمد ولو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام أو كان البحر مدادا «٢» ، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة لا تألو هممنا اجتهادا في إعلاء منارها وجهادا، ولا تكبو جياد عزائمنا، دون أن تسكنها من الجاحدين قلوبا وتجري بها من المنكرين ألسنة وتقلّدها من المشركين أجيادا، ولا تنبو صوارمنا، حتّى تتّخذ لها من وريد كلّ معاند موردا ومن قمم كلّ ناكث أغمادا، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي أسرى الله به إليه فبلغ في الارتقاء سبعا شدادا، وأنزل عليه أشرف كتبه بيانا وأعجزها آية وأوضحها إرشادا، وبعثه إلى الأحمر والأسود فسعد من سعد به إيمانا وشقي من شقي به عنادا، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين لم يألفوا في طاعة الله وطاعته مهادا، صلاة لا تستطيع لها الدّهور نفادا، ولا تملّها الأسماع تعدادا وتردادا، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى من سما به منصبه الّذي عرف به قديما، وزهيت به رتبته، التي لم يزل فيها لاقتناء الشّكر مستديما، وتحلّت به وظيفته، التي لم يبرح